الثلاثاء , مارس 19 2024

صلاح ابو سيف كيف هز العالم العربي بمشاهد” حمام الملاطيلي”؟

متابعة/ حسانة سليم

يحل اليوم عيد ميلاد رائد السينما الواقعية المخرج صلاح أبوسيف، الذي ولد في مثل هذا اليوم الموافق 10 مايو/ايار من عام 1915.. استطاع المخرج القدير صلاح أبو سيف، بفنه وأعماله أن يجسد ملامح المجتمع المصري، عبر شاشات السينما والتلفزيون، كما استطاع أن ينافس بالفيلم المصري الأفلام العالمية، وتم عرض أفلامه بالمهرجانات العالمية، كما حصل على العديد من الأوسمة والجوائز.. ولد فى 10 مايو/ ايار عام 1915، بقرية الحومة مركز الواسطى بمحافظة بني سويف..كان والده عمدة القرية، بينما كانت والدته قاهرية متعلمة، ورفضت العيش مع زوجها وسط زوجاته السابقات، حيث أقامت في بيت العائلة مع شقيقها بالقاهرة، وألحقت ابنها بالمدرسة هناك.. خاله كان ممن يقاومون السلطات البريطانية، وتم اعتقاله أكثر من مرة، فكان لذلك تأثيراً كبير علي بناء شخصية و الفكر السياسي لصلاح أبو سيف.
بعد الانتهاء من دراسته الابتدائية التحق بمدرسة التجارة المتوسطة..عمل بعد ذلك في شركة النسيج بمدينة المحلة الكبرى، كما عمل في نفس الوقت بالصحافة الفنية.. درس في ذلك الوقت فروع السينما المختلفة والعلوم المتعلقة بها مثل الموسيقى وعلم النفس والمنطق.. أخرج بعض المسرحيات لفريق الهواة من العاملين بشركة النسيج، وسنحت له الفرصة الالتقاء بالمخرج  نيازي مصطفى، الذي قابله أثناء ذهابه للمحلة لعمل فيلم تسجيلى عن الشركة، وأصيب بالدهشة من ثقافة أبو سيف ودرايته بأصول الفن السينمائي، مما دفعه لأن يعده بأن يعمل على نقله إلي استوديو مصر..بدأ العمل في ستوديو مصر بالمونتاج، وأصبح رئيسًا للقسم لمدة عشر سنوات.. التقى خلال هذه الفترة بالمخرج كمال سليم وعمل معه كمساعد مخرج في فيلم “العزيمة”، وهو أول فيلم واقعي في السينما المصرية.
كانت أولى تجاربه في الإخراج عام 1946، في فيلم  مقتبس عن فيلم أجنبي.. سافر إلى إيطاليا وعاد منها عام 1950 متأثرًا بتيار الواقعية في السينما، وأخرج النسخة العربية من فيلم “الصقر”، الذي كان من بطولة عماد حمدي وسامية جمال وفريد شوقي.. اشترك في كتابة السيناريو لجميع أفلامه، لكي يضمن أن يكون كل ما كتبه السيناريست متفقاً مع لغته السينمائية.. في ذلك الوقت كانت السينما المصرية تتناول موضوعات بعيدة عن حياة المجتمع المصري، فعمل أبوسيف على تغيير ذلك، وبدأ يعمل على إخراج فيلم “لك يوم يا ظالم”.. وعندما عرض سيناريو الفيلم على المنتجين رفضوه، وقرر إنتاج السيناريو بنفسه، مما جعله يبيع سيارته ومصاغ زوجته..عند عرض فيلم “لك يوم يا ظالم” عام 1951، حقق نجاحًا كبيرُا، بأسلوبه الواقعي واقترابه من الجمهور، وكان من بطولة فاتن حمامة ومحسن سرحان ومحمد توفيق.. بلغ مجموع الأفلام التي أخرجها طوال مسيرته أربعين فيلماً.. تم عرض أفلامه في مهرجانات عالمية أبرزها: كان، البندقية، موسكو، وبرلين.. من أهم أفلامه: “الأسطي حسن، ريا وسكينة، الوحش، شباب امرأة، الفتوة، لا أنام، الوسادة الخالية، أنا حرة، بين السما والأرض، البنات والصيف ، بداية ونهاية ، لا تطفئ الشمس، القاهرة 30، الزوجة الثانية، فجر الإسلام، المواطن مصري”، أخرج للسينما العراقية فيلم “القادسية”، الذي تم إنتاجه عام 1982، واشترك به العديد من الفنانين العرب من مختلف بلدان الوطن العربي من مصر والعراق والكويت وسوريا والمغرب، ومن ضمنهم سعاد حسني وعزت العلايلي.. في أواخر سنوات حياته اتجه إلى التخفيف من واقعية أفلامه، واتجه إلى الفانتازيا التي لا تخلو من إسقاطات على الواقع، فأبدع فيلمي “البداية” و”السيد كاف”..
“حمام الملاطيلي” هز مصر بسبب مشاهده
اما فيلم ” جمام الملاطيلي” فيُعد من اقوى الافلام العربية، كونه تضمن مشاهداً جن.سية مخلة وترويجه لفكرة المث.لية، تشكلت لجنة لمناقشة الفيلم وتوصلت الى حذف مشاهد أخرى وافق عليها المخرج صلاح أبو سيف حينها،  وتعود قصة الفيلم للكاتب إسماعيل ولي الدين، وهي من أوائل الروايات التي ناقش فيها السيناريست محسن زايد، حياة مثلي.ي الجن.س عن قرب، متمثلة في شخصية الرسام الذي يجسد دوره الفنان يوسف شعبان، واحتوى الفيلم على مشاهد عاري.ة داخل الحمام الشعبي، وبعض القب.لات الساخنة والإيماءات التي تعبر عن إعجاب الرجال بالرجال.. تبدأ أحداث الفيلم بوصول الشاب أحمد (محمد العربى) إلى القاهرة مهاجرا من الإسماعيلية بعد النكسة، حيث الزحام الشديد حتى يصل إلى مكتب قريبه الموظف الذي سيعينه بالشهادة المتوسطة لكنه لم يجده في مكتبه فيعود خائبًا، فقد نفدت النقود  وأصبح عليه أن يبحث عن مكان يأوى إليه، وأمه وأبوه ينتظران خطابا منه يخبرهما عن عنوان سكنه بالقاهرة.. يقابل أحمد، نعيمة (شمس البارودى) التي حولتها المدينة الصاخبة إلى بائعة هوى تبيع ج.سدها من أجل لقمة العيش، تخطف منه اللقمة بعد جوع يوم كامل وتخاطبه بابتذال شديد ويعاملها برفض فتخبره بأنها موجودة كل يوم أمام كشك السغائر في نفس الميعاد إن أراد لقاءها، فيتعرف عليها فيما بعد ويقع في حبها.. وبينما هو يتخبط في حي الجمالية يرى الحمام فيستهويه شكله الأثري، ويتعرف على صاحب الحمام (فايز حلاوة) المعلم الفتوة فيصبح أحمد مسئولًا عن حسابات الحمام ومحل العطارة التي يمتلكها المعلم..وتظهر مشاهد الج.نس والمخدرات التي تحتل حيزًا كبيرًا في الفيلم، فيقبض على المعلم في قضية مخدرات فتمارس زوجته اللعوب (نعمت مختار) الهوى مع أحمد وتقابله في حجرة نوم المعلم.. وينتهى الفيلم بمصرع نعيمة على يد أبناء عمومتها طلبًا للشرف ومحو العار بعد أن كانت قد أعلنت التوبة والعيش الحلال، ويلجأ أحمد إلى ضريح الحسين ويشكو الضياع ويعلن التوبة..
اهم اكتشافاته
وقد إكتشف أبوسيف في وقت مبكر أن الفقر هو الذي يحكم المشاعر والاتجاهات وهو أساس المشاكل فهو يقول: (مادام الإنسان فقيرا يمكن الاستيلاء عليه بسهولة ولذا فكل أفلامي تدور في عالم الفقراء وتصور الكوارث التي يسببها الفقر) . ولعل كان هذا مدخلا طبيعيا لكي يصبح أبوسيف أبو الواقعية في السينما المصرية والعربية وأحد علاماتها البارزة.. يقول أبوسيف عن فيلم ” لك يوم يا ظالم”: “بعد أن كونت نفسي كمخرج, وقدمت ستة أفلام متنوعة جاءتني عروض عديدة لأفلام لم تتوافق معي ولو دخلت فيها لسقطت مثلما حدث مع زملائي.. كان علي أن أدخل مرحلة جديدة, فقررت إنتاج فيلم مأخوذ عن رواية (لإميل زولا) ولكن ستديو مصر رفض انتاج الفيلم وكذلك كل المنتجين الذين عرضت عليهم السيناريو.. وقررت الانتاج فبعت سيارتى, ومصاغ زوجتي وأنتجت فيلم (لك يوم يا ظالم) وقبل العرض بأسبوع لم يكن لدى قوت يومي, حتى الخادم في المنزل كان يرثي لحالي, ونجح الفيلم تجاريا وفنياً، اما فيلم “الأسطى حسن” 1952 وهو تصوير لحياة الفقراء الذين لا يملكون شيئا في مقابل شريحة الإقطاعيين الذين يملكون كل شيء ويعبثون أيضا بكل شيء ومنها نفوس الفقراء الذين تستدرج احدى النساء الأثرياء واحدا من شبابهم إلى معاشرتها.. والفيلم يضع بدون إدعاءات بذور الفكر الاشتراكي الذي انتمي له”..
ويقول أبوسيف عن فيلم ” حمام الملاطيلي”: “الفيلم يقول أننا لم نخذل في حرب 67 لأننا ضعفاء إنما لأننا نضيع وقتا طويلا في التفاهات, لذلك توقعت أن الفيلم سيمنع من العرض في كل البلاد العربية فقررت انتاجه لأتحمل المسئولية وأثار الفيلم ضجة كبيرة في الرقابة لكنه حقق نجاحا كبيرا.. ثم يأتي فيلم (السقامات) 1977 لينتقل إلى مستوى آخر من مستويات الواقعية وهي مايمكن تسميتها بالواقعية الشعرية والتي تتفق مع واقعية الحارة في اختيار البيئة (المكان والناس) إلا أنها تختلف عنها في تجاوز هذا الوصف الخارجي إلى عمق معنوي آخر يتصل بالذات الإنسانية ورغباتها, إشتعالها وانطفائها”..ويقول أبوسيف عن ” السقامات”  وهو عن رواية ليوسف السباعي: حاولت تنفيذ “السقامات” فلم يوافق أي منتج على ذلك لأن موضوع الرواية يدور حول الموت. وتجمد المواقف حتى أنشأ يوسف شاهين شركة انتاج وطلب مني أن ينتج هذا الفيلم . وبعد عرضه اعترف السباعي في بادرة غير مسبوقة  بأن الفيلم أحسن من القصة!” آخر الأفلام أما “المواطن المصري”  فهو آخر الأفلام التي أخرجها صلاح أبوسيف عن رواية الأديب يوسف العقيد “الحرب في بر مصر” وقد حقق الفيلم نجاحا كبيراً.

شاهد أيضاً

90 ألف جنيه و7 سنوات سجن.. ثمناً لقبلة واحدة على شفتي كاميليا ومن هو العوضي الذي اختلس بسببها؟

متابعة/ حسانة سليم دفع 10 سنوات من حياته داخل السجن، بعدما اختلس 90 ألف جنيه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *