الثلاثاء , مايو 14 2024

المخرج محمد عمر:” قالت لي ولدت بغير زمنك وعابد فهد عملاق ولهذا السبب مثلت مع غادة عبد الرازق؟!”

خوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)

محمد عمر من المخرجين الذين كرسوا حياتهم للاخراج المسرحي لتقديم قيمة وقضية، علماً انه دارساً لفن التمثيل والاخراج على السواء ومن هنا هو يعتبر نفسه ضيفاً على التمثيل ويعترف بجرأة من انه نادم لعدم خوضه غمار الاخراج السينمائي كون المسرح خطفه لسنوات وفجأة استيقظ على واقع مؤلم هو سقوط المسرح.. في القاهرة كان معه هذا اللقاء الحصري الذي اجريته معه قبل عامين واليوم اعيد نشره في خانة الارشيف بعد تكريمه في مهرجان المسرح هذا العام.

*أغلب أعمالك المسرحية لكتاب عالميين؟

-اطلاقاً، كل ما في الامر ان نشأتي كانت حين قفزت في آخر مقطورة في القطار حيث لحقت الاساتذة الكبار الذين يقدمون الفن الحقيقي، ودخلت الاكاديمية وكان من ضمن اساتذتي، كرم مطاوع، علي فهمي، نبيل الالفي، وغيرهم من القمم الذين لا زلنا نتعلم منهم حتى اليوم،” يعني انا لحقت آخر قطفة من الشجرة المُثمرة ” ، والتي ذبلت وتساقطت اليوم للأسف والمسرح تراجع معها، وأضع اللوم على أنفسنا نحن القائمون على العمل المسرحي وابناء هذا التكوين، انا ابن المنهج الاكاديمي والقيمة لا تنتهي مع رحيلها بل تبقى مستمرة للأبد.

*لكن لابد من تغييّر بعض المسار لمجاراة الزمن والجيل الشباب؟

-سأرد عليك بإجابة مُحبطة، المعهد العالي للفنون المسرحية لم يُنجب موهبة على مستوى التأليف بعد زمن 1975، وبعدها أتت مرحلة ايضاً حقيقية وقيمة هي مسرح محمد صبحي مع لينين الرملي، اليوم أين الاسماء التي قدمت مسرحاً قيماً؟ كلها غبارة عن تجارب عادية لا تُمثل نهضة أو مرحلة.

*لكن الكاتب وحيد حامد قدم قبل سنوات طويلة ” جحا يحكم المدينة ” بقالب كوميدي سياسي ساخر وكان ناجحاً؟

-أكيد، وهي تعتبر ” بونبوناية ” منه وكان حينها ضيفاً على المسرح وهو من أعظم ما انجبت مصر من قلم يُعبر عن قضايا حقيقية لها قيمة وستبقى حية.

*ايضاً كرم النجار اعماله المسرحية ممميزة واليوم يكتب مسرحية ” المهرجان ” التي يعني بها ما يحدث بالوطن العربي؟

-استاذ كرم النجار مبدع، وسيعبر في مسرحيته الجديدة عن المهرجان المُفزع لما يحصل وسيحصل بعالمنا العربي وليس المهرجان المُفرح، استاذ كرم عرض علي مسرحية يا ” غولة عينك حمرا ” قبل سنوات وكنت حينها مُرتبطاً مع الكاتب اسامة انور عكاشة بمسرحية ” في عز الضهر “، ولم استطع اخراجها، استاذ كرم ابداع جميل وميزته انه لا يٌشبه احداً وقيمته في تميزه.

الاعلامية ابتسام غنيم والمخرج محمد عمر

*سيدة المسرح سميحة ايوب قالت لي في حوار معها ان مسرح ” تياترو مصر ” لاشرف عبد الباقي عبارة عن اسكتشات وليس مسرحاً فما تعليقك؟

-الاجابة مؤلمة ولي تفسيراً آخراً، هو مسرح لا نقاش ولكن ماذا يقدم؟ يقدم الشكل المسرحي الذي يساوي الاسكتش الدرامي، لكن هو مسرح يقدم منهجاً وطريقة وشكلاً لا يُعبر عن المسرح الذي عهدناه.. ثم ان المسرح بحد ذاته اشكالاً ومناهجاً واساليباً ليس بالضرورة ان تكون كل المسرحيات على شاكلة المسرح القومي.. انا شخصيا قضيتي ان أقدم ما وراء ما قدمت وهذا هو الذي يعارض ما يقدمه اشرف عبد الباقي، بمعنى انه لا يُقدم قضية مما يطرحه، ولا موضوعاً، انا معه ومع الضحك والترفيه لكن كنت اتمنى عليه ان يستغل هذا النجاح ويقدم من خلاله قيمة أكبر على مستوى نوع آخر من المواضيع.

*تقصد الكوميديا السوداء؟

-” بالظبط كده”، منهجي بالاخراج بعد عدة تجارب وصراعات وصلت للمفتاح السحري وان قيمة العمل المسرحي الحقيقية من خلال هذا المنهج اي الكوميديا السوداء وشر البلية ما يضحك، اشرف شاطر لكن ليته خدم المسرح بطرح آخر، وكنت سأبدأ معه تجربته منذ البداية وتوقفت عند هذه النقطة ولم أقبل أن أبدأ بهذا الشكل، أي أن أقدم كل أسبوع مسرحية اعتذرت لانها لن تكون مسرحية، انا مع الضجك شرط ان يكون مصحوباً برسالة وقضية، (ويتابع) شكسبير باقٍ حتى الان لسبب واضح انه لم يلعب على اللحظة والواقع بل شرّح الانسان ولعب على القيمة التي تبقى الى الابد ومرت السنوات وبقي شكسبير الذي لم يركز على الحقبات التاريخية ولا السياسيات المؤقته بل صرعات الانسان التي تعبر عنا جميعاً، وانا هنا لا أنظر بل اتحدث عن ايمان برؤيتي، واحب اشرف عبد الباقي واحترمه لكن منهجي لم يلتقِ مع منهجه علماً انه نجح بأمتياز وأفرز نجوماً بصرف النظر عما طرحه لكنه قدم خطوة جميلة، لكن ما يحُز بنفسي جداً جداً هو إعتراضي على العنوان اي” تياترو مصر” لانه ليس ما يقدمه يمثل مسرح مصر، ليته استبدل العنوان بعنوان آخر.

*” الناس اللي في التالت” اعترضت عليها الرقابة وظلت حبيسة الادراج 9 سنوات ومسرحية ” الشخص” للاخوين الرحباني التي تمصرت تم منعها؟

-شاهدت ” الشخص ” بتمثيل السيدة فيروز، وايضاً حين قدمتها بمصر عفاف راضي، والفتك اني شاركتك الفنان القدير محمود الجندي رحمه الله في طرح ” الشخص” بمتناول مصري قدمناه في اوبرا دمنهور، محمود الجندي كان قيمة كبيرة في المسرح، (ويضيف) مسرحية ” الشخص” بمصر كانت رائعة جداً والحمدلله انه تم تسجيلها واعتبر هذا العمل قطعة تمثل احد قمم المسرح، وبالمناسبة المسرحيات الرحبانية تدرس سواء في الطرح المسرحي او الميزيكال، بالاضافة الى صوت فيروز السفيرة من النجوم.. كل اعمال الرحابنة شاهدتها ” ميس الريم “،” بترا” وغيرهما..(ويضيف) بالنسبة لمسرحية ” الناس اللي في التالت” لم تمنع بل حبست في ادراج الرقابة لسنوات تحت بند عدم ملائمتها للمناخ السياسي وذلك عام 2000، وكنت مؤمن بهذا العمل الذي كتبه الاستاذ أسامة انور عكاشة، وكان ان صورت نسخة من المسرحية وذهبت الى الرقابة وطلبت منهم ان يكتبوا لي الملاحظات الممنوعة لاتغاضى عنها، فكانت الملحوظة على النصف الاخير من الصفحة الاخيرة، وعلى الفور اتصلت بالاستاذ عكاشة وقلت له حرام ان يتوقف العمل بسبب نصف صفحة، وكان المشهد يتضمن كيف ان مباحث امن الدولة بعد ان مزقت الاسرة المصرية التي تجسدها سميحة ايوب، ورفعت السلاح وقتلت ابنها المشلول وهنا كان الاعتراض، اذ من غير المقبول ان يتحول رجال امن الدولة الى سفاحين، وبالفعل اقتنع استاذ انور ان يغير المشهد العاجز الذي يمثل المستقبل، رحمه الله قال لي يومها انه مقتنع جداً بما اقوله وعدل بالمشهد واخذنا الموافقة وانتهت المعركة وخرج العمل للنور وحقق نجاحاً كبيراً، وتم تسجيلها للتلفزيون تماماً كما حصضل بمسرحية ” الشخص ” قبيل منعها.

*شاهدت ” ملوك الطوائف” لمنصور الرحباني؟

-للاسف لم اشاهدها لكن عرفت انها اثارت جدلاً وتنبأت عن سقوط صدام حسين، والفن الحقيقي هو الذي يستشف لنا المستقبل.

*ما تعليقك على مسرحيات صباح روميو لحود وشوشو؟

-كلها حملت البهجة والفرح والاسقاطات السياسية والغناء والرقص، لكن للأمانة لم أتابع شوشو كثيراً، وعلى فكرة أحب الطرح المسرحي الذي فيه الميوزيكال اي المتعة والفرحة والقضية والبهجة وهو من أصعب الطروحات وهي بمثابة كرباج يلسع لكن يحمل بسمة وجواز مرور للقيمة.. (ويتابع) للاسف علينا ان نتحمل مسؤلية عجزنا وقتلنا للقيمة الحقيقية للمسرح ولكل شيء حتى بالفن التشكيلي ونماذج الغناء المُسفة والموسيقى.

*ومسرح زياد الرحباني؟

-زياد طرح موضوعات سبق عصره وكان جريئاً جداً في بدايته، وسلك مساراً لا يشبه مسرحيات والده وعمه، زياد عبقري يكفي انه منذ صغره لحن لوالدته السيدة فيروز، جرأته قوية لدرجة الفزع لكن بعد أن ننتهي من مشاهدة اعمالة نرى انها قيمة بدليل انها باقية حتى اليوم من خلال اغانيها اي الاغنيات التي انبثقت عن المسرح.. زياد اضافة متطورة وحديثة وأتت قبل لحظتها حينذاك وصاحب منهج خاص به، الابداع يخلق حالات ساحرة ومدارس باقية.

*اين انت من السينما؟

-انا بالتلفزيون ضيفاً، اما في التلفزيون فانا ضيفاً، السينما من اكثر الفنون المؤثرة وهي خلقت حياة موازية لحياتنا، انا متأثر من بيئتي من افلام صلاح ابوسيف وكمال الشيخ وزكي رستم ومحمود المليجي، لكن الواقع لم يسمح لي او بالاحرى لم أكن مرهفاً على مستوى الحياة حيث درست الاخراج بالاكاديمية وصرت اقدم مسرحياتي بالخارج وخطفتني الحياة العملية علماً اني عاشقاً للسينما ونادم لاني لم أعمل بها لانها السلاج الحقيقي الذي بالامكان أن اعبر به اليوم عن كل شيء، لسبب ان المسرح اليوم سقط، احدى الفنانات الكبيرات قالت لي ” لقد ولدت بغير زمنك “، وتقصد اني خلقت بزمن دفن به المسرح رغم اني كنت ” بعملوه صدمات” لكن المسرح مرة لم ينهض بتجارب فردية بل بكتيبة من الكبار على مستوى الكتابة والاخراج والتثميل وافيشات المسرحيات تقدم بأسم المؤلف مثل ” عبد الرحمن الشرقاوي يقدم”، ” صلاح عبد الصابور يقدم”.. اليوم اين الوق القيم.

*لماذا تعتبر نفسك ضيفاً بالتلفزيون؟

-لاني انسب ذلك على مستوى ماقدمت ولا أقبل الا ما يعجبني، هذا العام احببت جداً الدور الذي جسدته في ” حدوته مرة ” مع غادة عبد الرازق، وبالمناسبة التمثيل جزاء من دلااستي ونجحت فيه، ومن أوائل دفعتي، لكن ما اتى اليّ من أدوار لا تعبر عن جزاء من احلامي، وبالتالي صرت أرفض أكثر مما أقبل، ووجدت بعدها انه لزاماً عليّ ان أقبل وأنوع بالادوار، ومسلسل “حدوته مرة” كان رائعاً من حيث الطرح والسيناريو وكل الشخصيات رائعة ودوري كان محورياً وكيف اخون صاحب الشركة مجدي كامل لاجل المال والشخصية التي قدمتها حققت لي السمات التي احبها بالطرح الدرامي.

*الاعمال التي لفتتك؟

-شاهدت ” ولد الغلابة ” واعتبره ميلاداً جديداً لاحمد السقا حيث ابتعد عن الاكشن ودخل بالعمق، اما باقي الاعمال فلم اشاهدها لضيق الوقت اذ كنا نصور خلال الشهر الفضيل.

*الفنان العربي الذي جذبك تمثيله؟

-عابد فهد ممثل قدير وحقيقي بكل ما للكلمة من معنى.

شاهد أيضاً

تحية تقدير لاطفال الدراما المصرية في شهر رمضان

بقلم الاديبة/ ريتا بدر الدين ماهذا الابداع وهذا الابهار،مواهب متألقة جودة عالية في التمثيل والاداء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *