حوار/ ابتسام غنيم- نداء عودة(من الارشيف)
هذا اللقاء اجريته والزميلة نداء عودة مع #الفنان_ فهد _العبد_لله ونشر في مجلة “نادين ” الورقية واليوم اُعيد نشره في خانة الارشيف في elmaw2a3.net

ما بين زيارته إلى “نادين” وموعده المستعجل في مكان ما، تمنينا أن ننعم بحوار قصير معه، فاتحفنا الفنان فهد العبد الله بجلسةٍ غنية، وحظينا منه ببعض الآراء المهمة حول محطات أساسية في تاريخ الفن العربي., الفنان العبد الله دون رؤيته التاريخية والفلسفية من خلال “إبحار” آخر أعماله، الذي يعرض على مسرح قصر “البيكاديللي” في بيروت فكوّن جسداً مشهدياً عربياً واحداً ومتنوعاً، ومن “إبحار” أبحرنا معاً في عمق الحركة والإبداع.. و نميل الـ ابحار، لم هذا الغياب عن الأعمال الفنية؟
-حتى تحضّري لعمل ناجح، يلزمك سنتان على الأقل، وإذا كان العمل أكثر من ناجح يلزمه ثلاث سنوات، فالتحضير لأي عمل جيد يتطلب مجهوداً كبيراً، لأن الأزياء والديكور والفكرة تتطلب تمارين مستمرة ونتائج دائمة، وهذا ما يميزنا عن الآخرين.
من دون شروط
*هل تفرض فرقة فهد العبدالله شروطاً على عناصرها كباقي الفرق، مثل ممنوع السهر، ومصادقة أي كان -وممنوع الزواج وغيرها؟
لا أضع شروطاً، عدا الشرط الأساسي وهو أن يكون العنصر مهذباً وليس لديه اشكالات اخلاقية، يعني ممنوع يفوت لعندي شاب مخنث، لأن المطلوب من عنصر الفرقة أن يتمتع بصفات الرجولة والاتزان، والصفات الاخلاقية مطلوبة أيضاً من الفتاة وبالنسبة لمستقبل الفتيات الزوجي، فأنا لا أقيدهن ولا أقيم “كونترا” معين يقضي بعدم زواجهن، لأن ذلك يعني أنني ألعب دوراً سلبياً في حياتهن، والدليل ان هناك فتيات متزوجات يزاولن العمل في الفرقة..
*كيف هي علاقتك بعناصر الفرقة وأهاليهم؟
-أقيم علاقات طيبة معهم اعتبرها حالة من الصداقة. فنحن نتبادل الآراء حول مشاكلنا.. والعب أنا دور المساعد والموجه، والنتيجة تكون اجواء عائلية طيبة و“حلوة”.

الفتيات خشنات
*هناك من شاهد “إبحار” وانتقد الفتيات انهن خشنات كالرجال – ما تعليقك؟
– هذا يسعدني، فنحن دون أن يعلم هذا الشخص، أعطانا علامات جيدة.. “حقلك ليش” قديماً كانت الفتاة اللبنانية في العرس تمسك قطار الدبكة من طرفه، مثلها مثل الرجل، وهنا يجب أن نسجل خصائص القوة، نفسها والشموخ والصراحة ذاتها التي يمتلكها الرجل. ويقول المثل عندنا “المرأة أخت الرجال” فهي تحمل حمله في أكثر الأحيان، خصوصاً في الأزمات. وهنا هو الأسلوب الذي يجب أن يسود “دبكتنا”، وبالتالي هي طبيعة فولكلورنا – لنأخذ مثلاً “الفلامنغو” الإسباني، تلاحظين أن الإيقاعات والخطوات نمطها واحد بين النساء والرجال، هكذا دبكتنا تبدو متناسقة، وبالتالي القوة نفسها. كسبت الدبكة طابعها من التاريخ والبيئة التي أخذت منها الرقصة.
بينما في الرقص المنفرد يختلف الأسلوب فتتحلى المرأة بالنعومة والليونة وإذا قمنا مثلاً حركة الرأس في الرقص البدوي فكانتنا الغبناء بالكامل، وكذلك الفتح الشرقي الجميل للمرأة في الرقص المصري.
أود أن نتحدث عن اختلاف الفولكلور؟
-تنتقل بين المغرب العربي وحلب والشام ولبنان، ويحمل معه هذا الفنّ رَوح عمل على أسلوب كبار الملحنين كتوينيق العاشق والرحابنة. ويلاحظ أنّ هذا الفن لم يستحدث في المغرب وحلب بينما في مصر ولبنان استحدث في إطار جمالي مهم ومميز. ولكن في لبنان تختلف “الدبكة” مثلاً بين مناطق الشمال والجنوب والجبل،. ففي المدن الساحلية وبحكم موقعها على البحر وعلاقاتها مع الحضارات الأخرى،
تختلف روحية الدبكة وإيقاعها عن الجبل، يعني في بيروت وطرابلس وصيداً نقول مثلاً رقصة البحارة وليس دبكة البحارة، ونشعر أن دبكة مدن السواحل فيها انسياب أكبر ورؤية ولَيونة أكثر،
بينما دبكة الجبل تعبّر عن علاقة الإنسان بالأرض وجمالة قديمة وقيمة. وليست على شكل عقد،
فقد كان الاحتفال وإقامة الدبكة لدى أهل الجبل يقوم على أساس تحقيقهم للمحصول السنوي، أي عندما يطلع المحصول، ومتى يكون الصراع مع الطبيعة من أجل الخير، فالمناخ يؤثر على نوعية الدبكة،
والطبيعة القاسية في الجبال والمناظر الجمالية من حول الإنسان وصراعه من أجل الثبوت..(ويتابع) دَعوا الأطفال يَقرَأون ويرقصون ويسمعون الموسيقى كي نبني جيلاً حضارياً يُعْمق وطنه
والحياة كلها تجعله قاسياً كالحيتان، بينما القوة والحياة في الساحل سهلة كصيد السمك مثلاً لا يتطلب جهداً…

الإسبان أخذوا الفن منا
* ما مدى صحة القول بأن الفن الإسباني مأخوذ عنا نحن العرب؟
ـ هذا صحيح.. الفن الإسباني مأخوذ عنا، وليس إسبانيا فحسب، بل أوروبا بشكل عام، وفناننا العظيم زرياب كان قد أسس مدرسة فنية في أوروبا وتعلّم الأوروبيون الفن على مدرسته.
وفي حين كان الفن في أوروبا آنذاك خاضعاً للكنيسة، قام تلاميذ زرياب الأوروبيون بثورة فنية كبيرة، وكانت أول ظاهرة خروج الفن من القيود الكنسية. طوروا موسيقاهم بعدما تعلموا أساسها من العرب. ونحن يقيناً محلّنا!
(يضحك ثم يتابع) قال إن الرقص في بلاده كان جامداً، فاستعرنا من الشرق الحركة الشرقية وأدخلناها على رقصنا فأعطيناه الجمال والحياة…
الزِّرّا وعلاقته بالجن
*( ونحن نغلب “البرشور” الخاص بـ “إبحار قرانا رقصة الصوفي والزَّرّار” ونسأله): أليس الزَّرّار هو تقليداً متبع في مصر يتعلق بطرد الجن؟
– لا، الزَّرّار ليس مصرياً فحسب، بل هو أيضاً عربي، في سوريا كان (ويضيف) لا شك في أن هناك وحدة في تاريخنا العربي تمتد بين فنوننا كافة، ولا ينفصل هذا الفن، ولكنها خصوصيات في كل منطقة بحسب العفويات التي استخدمها من الاستعمار، ويمكن أن نشبّه الخصوصيات هذه بالطبيعة المختلفة من قطر إلى آخر، ففي مصر كان الفن خاضعاً للفكر الكلي والعقيد، أما في لبنان فكان الفن خاضعاً للفكر الاقتصادي، ولو تناولنا إبداعات الذي ابتكر فن الوثبات بالأجسام، وهو أهم فنان كلاسيكي عربي، نجد أنه عندما طرد العرب من إسبانيا.
الموقع – مجلة الكترونية فنية شاملة elmaw2a3