السبت , نوفمبر 15 2025

الاخوان ناصر:” لن نسمح للظروف من منعنا بصناعة فيلم عن عزة وهكذا صورنا مشهد العلم الفلسطيني؟”

متابعة/ منى الموجي(القاهرة)

تجربة صعبة عاشها الأخوان #عرب_ وطرْزان_ ناصر _مع _تنفيذ _فيلمهما _”كان _ياما_ كان_ في_ غزة_”، لا تتوقف صعوبتها على المرور بمراحل الصناعة المعتادة من كتابة وتطوير وإيجاد تمويل، ثم التصوير وباقي الخطوات التي يمر بها كل عمل فني قبل أن يراه الجمهور، ولكن تكمن الصعوبة هذه المرة فيما تعيشه غزة من إبادة وتدمير لشعب لا يريد سوى الحياة، ولم يكن أمامه سوى الصمود. ووقتها توقف التوأم عن كل شيء عدا المتابعة بألم ما يدور في ​مدينتهما الحبيبة بعد ٧ أكتوبر،لكن سرعان ما قررا استئناف العمل إيمانا منهما بدور الفن كسلاح للمقاومة، فأخرجا قطعتهما البديعة التي حازت على إشادات، وفازا عنها بجائزة أفضل إخراج في قسم “نظرة ما” بمهرجان كان السينمائي. عن مشوارهما مع الفيلم، كان لنا الحوار التالي مع عرب وطرزان ناصر.

*ما الذي دفعكما لتقديم فيلم «كان ياما كان في غزة»؟
-​لم يكن مجرد الرغبة في إعادة سرد مأساة يعرفها الجميع، بل محاولة للذهاب أبعد من الصور النمطية التي اعتاد العالم رؤيتها عن غ.زة. أردنا أن نلتقط تفاصيل الحياة اليومية لإنسان يعيش وسط ظروف خانقة، وأن نمنحه المساحة ليرى كما هو.. الفيلم هو محاولة لأرشفة سيرة هذا الإنسان الفلسطيني، الذي رغم كل ما يواجهه من احتلال وحصار وعنف، فإنه لا يزال يبحث عن معنى لحياته ويصر على بقائه.
*​تكتبان وتطوران الفيلم منذ عام ٢٠١٥. لماذا استغرقتكما كل هذا الوقت في الكتابة؟

-نحن نؤمن أن السيناريو يشبه الثمرة التي لا تسقط من الشجرة إلا عندما تنضج تماماً. بالنسبة لهذا الفيلم، كان عليه أن يأخذ تسع سنوات كاملة حتى يصبح جاهزاً للتصوير. خلال هذه الرحلة الطويلة، كنا نطور القصة باستمرار، إلى أن وصلنا إلى الشكل الذي شعرنا أنه الأكثر صدقاً وعمقاً.
​خلال هذه السنوات كتبنا فيلمين، وصورنا أحدهما “غزة مونامور”، لم يكن الأمر تأخيراً بقدر ما كان بحثاً عن النضج.
*البعض قد يرى أن الاسم يعكس شعور الفقد لصور وحكايات أصبحت ذكريات.. هل كان لاختياره له دلالة معينة؟

-اخترنا عنوان «كان ياما كان» منذ البداية لأنه يحمل في جوهره روح الحكاية التي تبدأ بالذاكرة وتنتهي عند الفقد. الحياة في غ.زة، تحت الاحتلال والحصار، هي حياة بلا ضمانات ولا أمان. هناك ما هو حاضراً اليوم، بحلوه ومره، قد يتحول في الغد إلى مجرد ذكرى أو إلى جرح مفتوح يزداد عمقًا مع الوقت.
غ.زة هي المكان الذي يمكن أن تنتهي فيه الحياة في لحظة خاطفة، بفعل قصف أو حرب أو حصار يخنق الإنسان والمكان معًا. فالعنوان لم يكن مجرد اختيار جمالي، بل توصيفًا دقيقًا لحالة يومية نعيشها ونقاومها. واليوم، مع الإبادة المستمرة التي يتعرض لها القطاع، صار الاسم أكثر مرارة ودقة، وكأننا نتحدث عن غزة بصيغة الماضي: «كان ياما كان».


-*ما هي أبرز التحديات؟

-كل الظروف كانت ضدنا، السياسية ، المعنوية والمادية ولم يكن هناك شيئاً يقول ان هذا الفيلم سيصل الى خط النهاية.

*اين تم التصوير؟

-في احد المخيمات اللاجئين الفلسطينيين في عمان، الاردن واستمر التحضير 4 اشهر

*من هي شخصيات «كان ياما كان في غزة»؟

-​الفيلم يروي حكاية ثلاثة رجال يمكن أن نصادف أمثالهم في أي مكان من العالم، يشبهون إلى حد ما شخصيات أفلام اليوغيستين الطيب، والبشع، والشرير. لكن في غ.زة، هذه النماذج تأخذ بعدًا مختلفًا: إذ رغم تباينهم، يجمعهم أنهم ضحايا واقع قاسٍ لم يختاروه. وهنا هو جوهر القصة.

*​هل هناك مشهد يمكنكما أن تصفاه «بالأصعب»؟ ما هو وفيما تمثلت صعوبته؟

*​التجربة بشكل عام كانت صعبة جدًا نظراً للظروف المحيطة بإنجازها، ويمكننا أن نتذكر مشهد من الكثير من المشاهد التي كانت مثيرة أثناء الصناعة. كنا نحضر لمشهد ضمن (“الفيلم داخل الفيلم)”، يظهر فيه جندي إسرائ.يلي يعتدي على طفل فلسطيني، يأخذ منه الطائرة الورقية التي تحمل ألوان العلم الفلسطيني. على الورق، كان المشهد ضخما سوق مزدحم، أطفال يطيرون الطائرات الورقية، دخول مفاجئ لجيب عسكري إسرائي.لي بلا سقف، إطلاق نار على طائرة ورقية تسقط من السماء، طفل يعترض، وجندي يركله، وأب يتدخل، إلى آخره. ​لكن من الناحية الإنتاجية، كان تنفيذا هذا المشهد مكلفًا جدًا، ويفوق إمكانياتنا المادية. لم نملك لا الجيب ولا المؤثرات، فقررنا تبسيط المشهد. دعونا نحتفظ بالأطفال والطائرة الورقية، ونصوّر لحظة اقتحام جنود أحد المنازل لاعتقال شخص ما، مع وجود نساء يحاولن الدفاع عنه. في يوم التصوير، واجهتنا مشكلة غير متوقعة، لم يكن هناك هواء كافٍ لرفع الطائرة الورقية. فخطرت لنا فكرة سريعة: توجهنا إلى مدير الإنتاج، ميشيل زنانيري – شاب من القدس، يتقن العبرية، وطلبنا منه أن يؤدي دور الجندي في المشهد، ويدخل إلى الساحة، ويرى الطفل يحمل الطائرة بيده، ينتزعها منه عنوة، ويلقيها على الأرض ويدوسها بقدميه، واذ بميشيل يفاجأنا ويقول لنا استطيع القيام بأي شيء تطلبونه، لكن لا يمكنني أن أدوس العلم تحت قدمي. سامحوني، لا أستطيع، أنا فلسطيني من القدس، وانتمائي لسمائي يغلب فعل ذلك. ​هذا علم بلادي، حاولنا إقناعه دون جدوى، وطلب البحث عن شخص آخر.
* وكيف تعاملتم مع الموقف؟
​-خطرت لنا فكرة أننا قلنا له هذا  المشهد، هو اللحظة التي حدثت الآن بيننا، وهي جوهر المشهد نفسه. نادينا الممثل الذي يلعب دور المخرج داخل الفيلم، وأخبرناه أننا سنعيد بناء المشهد كما حدث تمامًا بين ميشيل وبيننا. أعجب الجميع بالفكرة، بدأنا التصوير، الأداء كان رائعًا منذ اللحظة الأولى، ومنذ وصولنا إلى لحظة رفض الجندي ميشيل دوس العلم، اندلع تصفيق تلقائي من أسطح المنازل المحيطة، لم نكن نتوقع له أن يحققها تمامًا. إعجابي به، لأنه رفض أن يدوس على العلم الفلسطيني، هذه اللحظة جسّدت وفاء الفلسطينيين لقضيته.
​* إشادات واسعة وجائزة من مهرجان كان السينمائي.. هل رأيتم من إيمانكم بدور السينما كسل.اح للمقاومة ولتكون صوتًا لأهالي غ.زة؟
-​كما ورد على لسان أحد الوزراء في الفيلم: “صناعة السينما في غزة تشبه مهمة المقاوم، الأدوات مختلفة، لكن الهدف واحد”، ونحن نؤمن بذلك، نعيش في عصر الصورة، التي أصبحت واحدة من أقوى أدوات التأثير، ونعتبرها فعل مقاومة في وجه احتلال يحارب سرديتنا كفلسطينيين، كما يحارب الشجر والحجر في وجه سرديته المزيفة التي يحاول طبعها في أذهان العالم.
​*الجمهور المصري للفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟
-​فيلمنا السابق “غزة مونامور”، لاقى احتفاءً جماهيريًا ونقديًا في مصر، نتوقع أن يفتح هذا الفيلم مساحة جديدة للتفاعل مع الجمهور. فـ “كان ياما كان” في غزة، يقدم صورة مختلفة عن غزة، بعيدة عن نشرات الأخبار، ليكشف حياة الناس بإنسانيتها وتفاصيلها الصغيرة. في النهاية، ردود الفعل لا يمكن التنبؤ بها.

شاهد أيضاً

حسين فهمي: ترميم الأفلام مهماً للحفاظ على التراث الفني والهوية العربية ومقاومة ضد النسيان”

متابعة/ هبة شوقي(القاهرة)  ​في الندوة التي حملت عنوان «الترميم الرقمي للأفلام»، دار نقاش تجاوز التقنية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *