نهاد فتوح بعد الحجاب والاعتزال ماذا قالت عن الوسط الفني، ومن انتقد حجابها ، ولماذا طردوا ابنتها من المدرسة؟

هذا اللقاء اجريته مع المطربة نهاد فتوح عقب تحجبها واعتزالها الغناء بثلاثة ايام، وزرتها حينها ببيتها في منطقة مارلياس ونشرت الحوار في مجلة “نادين” الورقية واليوم انشره في elmaw2a3.net بخانة الارشيف، لانه الحوار الاول والاخير مع المطربة القديرة عقب تحجبها و التي سافرت بعده الى لندن حيث تُقيم هناك دائماً

حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)

#نهاد _فتوح _تحجبت _واعتزلت_ نهاد الشفافة، الهادئة، الرصينة كانت تواظب على أداء الفروض الدينية الى جانب أنها فنانة ملتزمة ذات خط نظيف لا مآرب مادية فيه ولا شوائب.
كنت أعرف أن هذا اليوم الذي دخلت فيه منزل الصديقة نهاد سيأتي لنرى النور منطلقاً من وجهها الطيب الذي لم يدخل يوماً في بؤر الملذات والأنانية، وظل محافظاً على خصوصيته وكأن زمن نهاد الشابة لا يدخل حياتها.. نهاد لبست الحجاب واعتزلت، هكذا علمت فقصَدتها الى بيتها حيث استقبلتني بابتسامة أوضحت كثيراً نور الإيمان الساطع من محياها.. وعندما باركت لها حجابها قالت لي:
– منذ ثلاثة أيام تحجبت،  اتخذت القرار بعد تفكير عميق بيني وبين نفسي، خصوصاً أنني منذ أكثر من عشرين سنة وأنا أشعر أني بعيدة كل البعد عن أجواء الفن وأغني بذلك السهرات الشلللية، الكومبينات كما كنت “أستحرم” (أعتبرها حراماً) الأموال التي أجنيها مقابل عملي الفني.

اعتزال نهائي إن شاء الله

*أفهم من كلامك أنك تحجبت واعتزلت الغناء نهائياً؟

-إن شاء الله.. بعض فقهاء الدين يعتبرون صوت المرأة عورة والبعض الآخر لا يحرمون قيامها بأداء الأغنيات الدينية والوطنية، لكني شخصياً سأمتنع عن الأغنيات الدنيوية تماماً.

*من كان من العارفين بقرار تحجبك واعتزالك؟

-خالتي زوجة أبي اتصلت بها وأخبرتها.

الانتقادات في غير محلها

*وماذا عن ردّة فعل المحيطين بك؟

-(تبتسم وتقول): تصوّري أنني تلقيت انتقادات عدّة من أشخاص لم يباركوا لي بل قالوا: “شو صاير عليك.. بعد بكّير.. العمر قدامك”، لكن أنا بقيت على قراري لأنني لا أضمن عمري. وبعد أكثر من عشرين سنة من العطاء والإخلاص لعملي الفني، من حقي أن أتفرغ للعبادة وأقدّم شيئاً لربّ العالمين.

*بحكم صداقتنا بك نعلم جيداً أنك تميلين إلى الزهد والعبادة..

-صحيح، وهما الدافعان الأساسيان لاعتزالي، فأنا كنت وما زلت أصلّي وأصوّام أقرأ القرآن.. وحين كنت أغني في الحفلات

كانت حالة من الصراع النفسي تنتابني.. (وتضيف) حتى ابنتي حين بلغت سن التاسعة وأقمت لهما حفلة عيد ميلادهما أعلمتهما بأنهما صارتا مكلفتين بالصلاة. يعني زرعت في نفسيهما الإيمان، وحتّمت عليهما العبادة التي هي أساس الدين. من هنا كانت ابنتي الكبرى هبة تنتقدني وتقول لي كيف تحثّيننا على الصلاة وأنت تعملين في مجال الغناء؟ وكان ملامحها يترك أثره في نفسي، أيضاً ودائماً كنت أدعو الله لأن يعزز الإيمان في قلبي أكثر وأكثر، حتى تحجّبت هبة وكانت خطوتها دافعاً معنوياً لي وإن واجهت بعض العقبات.

هبة طردت من المدرسة وستسافر إلى بريطانيا

*من قبل من؟

– هبة طالبة في صف الثالث متوسط حين ارتدت الحجاب ووجهت بانتقادات شديدة من بعض صديقاتها، كما أن إدارة المدرسة عمدت إلى فصلها.
(وحين سألتها عن اسم المدرسة اعتذرت وأصرت بلطف شديد على عدم التطرق الى ذكر الاسم)
(وتتابع نهاد) هذا الأمر جعل ابنتي تتمسك أكثر بقرارها، كما أن خطيبها شاب ملتزم ويريد أن تكون شريكة حياته محجبة…

*وهل انقطعت حالياً عن الدراسة؟

*لقد انتسبت الى معهد لتعليم الكومبيوتر واللغات، كما عقدت قرانها مؤخراً ومن المتوقع أن تسافر وخطيبها إلى لندن خصوصاً أنها تحمل “الباسبور” البريطاني، وستتابع دراستها هناك، حيث سيعملان ويستقران.
(وتضيف نهاد) أتعجب كيف أن البعض يعتبر المتحجبة نكرة، مع العلم أنني حين كنت مؤخراً في أستراليا شاهدت مدرسة معظم التلميذات فيها متحجبات، وحين سألتُهن عن ردة فعل إدارة المدرسة تجاههن أجبتني بأنها لا تتدخل بهن إطلاقاً، وهذا أدهشني إلى الاستغراب والدهشة.

أحاديث الشيخ عبد الكافي شجعتني على الحجاب

ألا ترين معي أن المحنة المرضية التي مرت بها والدتك وموت والدك الشاعر محمد علي فتوح، ساهما بتعجيل قرارك بالحجاب؟

– طبعاً.. حين كان والدي يحتضر كنت ألزمه باستمرار، وقبل وفاته بيوم حلمت وكأن بداخل جسدي زوبعة، وشعرت كأني بدوري أحتضر، ما جعلني أخشى عذاب القبر أكثر، هذا بالإضافة إلى أنني كنت قبل سبع سنوات قد انقطعت عن الاستماع للأغاني لأسمع باستمرار أحاديث الشيخ عمرو عبد الكافي.. فأسلوبه السلس شدني وجعلني أطلع على أمور ديني التي كنا نجهلها، إذ لا يكفي أن أصلي وأصوم وأقرأ القرآن، بل يجب أن نفهم أصول ديننا أكثر.. وحين سافرت إلى مصر كنت تواقة إلى رؤية الشيخ عبد الكافي فطلبت من أختي إيمان أن تصطحبني لحضور إحدى جلساته الدينية، وكنت أعتقد أنه أعمى لأنه بالعادة لا يركز نظره على شيء، لكني فوجئت أن بصره سليم وأنه يعمد إلى غض النظر عن النسوة الحاضرات اللواتي يستمعن إلى حديثه.. أيضاً حين مرضت والدتي واللتي كنت ألزمها باستمرار مع العلم أنها كانت قبل تعرضها للإنتكاسة الصحية قد أدت فريضة الحج.. كل هذه الأمور إضافة الى زهدي بالدنيا دفعتني الى التفرغ للعبادة، خصوصاً أني لا أعرف أن أنافق مع نفسي أو مع الآخرين، فأنا لا أجامل وهذا ما يعارض عملي بالفن الذي يعمد معظم العاملين فيه الى تمسيح الجوخ.

(تضحك وتضيف):
– والدي رحمه الله كان يقول لي “أنت فجة” لكني في الحقيقة واضحة وأكره الرياء مع العلم أنني حين دخلت الفن وعارضني قلت له سأنتحر إذا لم أغنِّ.. كنت أعتقد من خلال معايشتي لأجواء والدتي أن الفن بدون شلليات، هذا لأنها كانت متحفظة في صداقاتها، ولم أكن أرى أي أمر لا يقبله العقل أو المنطق، لكن حين دخلت معترك الفن، بنفسي صدمت بأمور عدة.. ومع ذلك بقيت على التزامي الفني طيلة ست وعشرين سنة، لم ألقَ خلالها أي دعم معنوي من أي جهة كانت كذلك الأمر بالنسبة لوالدتي، فإني أستغرب لماذا لا تُذاع أغنياتها وهي المطربة الكبيرة التي كانت تُطرب لصوتها كوكب الشرق أم كلثوم؟ لماذا لم تُكرَّم؟

سأحج هذا العام بإذن الله

*علمنا أنكِ ستزورين بيت الله الحرام هذا العام؟

– بإذن الله تعالى.. لقد اتصل بي أخي قبل تحجّبي بيومين وسألني عمّا إذا كنت أنوي أن أحج هذا العام فوافقت. وحالياً أحضّر الأوراق اللازمة و”الله يسهّلها”.

رغبة طروب بالحب قديمة ونجاح سلام صديقة عزيزة

*هل تعلمين أنك أصغر فنانة لبنانية محجبة؟

-(تضحك وتقول)” مضبوط”

*حدثيني إذاً عن علاقتك بالفنانتين المحجبتين طروب ونجاح سلام؟

-طروب أعرفها منذ سنوات، أذكر أني كنت في الثامنة عشرة من عمري حين قصدتها في سورية لأعطيها سلامي وإعجابي، طلبت مني أن أرافقها إلى الجامع لأداء الصلاة، وبالفعل ذهبت معها وما أن وصلنا إلى هناك حتى فوجئت طروب بتعليقات “بايخة” ومضايقات عدة من قبل بعض الموجودين، الذين استاؤوا حين شاهدوها، ما جعلها تخرج على الفور وتعود إلى البيت حتى قبل أن تصلي.. طروب فنانة طيبة جداً وأنا أحبها من قبل أن تتحجب لأني كنت ألمس بداخلها رغبة بالتحجب وإيماناً كبيراً.. أما الفنانة الكبيرة نجاح سلام فهي صديقة عزيزة علينا جميعاً وقد التقيت بها في مصر حين زرت زوجها الذي كان مريضاً وكانت السيدة نجاح في ذلك الوقت قد تحجبت علماً أنها ملتزمة، تصلي وتصوم وتقرأ وتسمع القرآن باستمرار، وبعد عودتي إلى لبنان نويت وتحجبت على الفور.

*ما رأيك بعودة بعض الفنانات المصريات المحجبات إلى الفن؟

-عدن بأعمال دينية واجتماعية هادفة مثل مديحة حمدي وعفاف شعيب، أي أنهما لم تتخليا عن التزامهما الفني وبالتالي تقدمان أعمالاً مشرفة.

لن أغني أبداً ولكن؟

*وهل يمكن أن نسمعك بعمل غنائي جديد في المرحلة المقبلة؟

– معقول.. شرط أن يكون دينياً.

*وإذا ما استُضِفتِ بلقاء تلفزيوني على سبيل التكريم؟

– لن أمانع شرط أن لا أغني