الإثنين , أكتوبر 27 2025
أخبار عاجلة

منير كسرواني: “فلت ألملق، فبدأنا نعاني من زحف مجاني للتطبيع مع العدو”

حوار/ نداء عودة (من الارشيف)

(هذا الحوار اجرته الزميلة الكاتبة الصحفية نداء عودة مع النجم المسرحي منير كسرواني في عام 1999 ونُشِر حينها في مجلة “نادين الورقية” واليوم نُعيد نشره في خانة الارشيف في elmaw2a3.net نظراً لاهميته)
جاءنا من جبل الرحمان.. مع عبق التبغ والطين.. وهكذا كانت رائحة الحوار الذي دار بيننا..ابن طبيعة، فنان متفوق لم تشوّهه المدنية الزائفة، وفي “فلت الملق” كان “إسماعيل” الذي يمثّل طموح البسطاء، والمتعبين. #منير _كسرواني_ عاش مع هؤلاء، فهو آتٍ من عذابات الجنوب، كما عاشتها كل امرأة جنوبية كـ”أم طعان” التي قال عنها أولاً:” _ميراي_ بانو سيان_ ليست ممثلة فحسب، هي فنانة حقيقية، وأنا أقدّر ذكاءها وموهبتها. لقد ساعدتني في كتابة النص المسرحي لـ”فلت الملق”.

أحببت أن أدخل في تفاصيل طفولته التي لم تخلُ من المأساة، فاستهلّ الحديث عنها برؤية قال:” نعم هكذا كانت طفولتي، شبيهة بطفولة أبناء الفلاحين، وأبي كان فلاحاً.. أذكر عذاب العمل والكدّ المتعب والساوي خصوصاً في زراعة التبغ..لم نولد حتى نعيش طفولتنا الحقيقية، لقد أنجبنا أهلنا حتى نعمل في التبغ، وهو عمل متواصل على مدار العام.

“س، الدخان.. وقمع الذات”

*كيف؟

– أولاً كنا نرشّ البذور ونسقيها، وحين تنمو وتصبح شتولاً كنا ننزعها لنزرعها مرة ثانية، وحين تكبر نقطع أوراقها، و”نشكّها”، ومن ثمّ نوضّبها. كانت تلك هي المأساة وكان هذا نوعاً من القمع، قمع الذات. لم نعرف أننا أطفال، لم نلعب، ولم نجد وقتاً للعب، لم نضحك ونفرح، بل كانوا يحسبوننا “ورقة ورقة دخان”.

*وكيف استرقت وقتاً لتعزف على الناي؟

– ذلك بدأ في مرحلة متأخرة، أي بعد الشهادة المتوسطة، وبالمناسبة كنا غالباً ما نوفّق عن دروسنا من أجل العمل في التبغ، وأغلب أطفال قرى الجنوب كانوا يعملون في هذه “الشغلة المرهقة”.

أتعلّم من أخطائي

*قلت في كلمتك أثناء تكريمك وفرقتك المسرحية أنه كانت لك بعض الهفوات في أعمالك المسرحية الأولى، هل تشك في تجاربك السابقة؟

-أنا لا أقول إنها كانت سيئة أو رديئة، بل على العكس ولكن لا بد من التقييم، أحياناً يجب أن ينتقد ويقيم نفسه، أيضاً أضع نفسي مكان الناس، لأن أحداً منا لا يستطيع الحصول على رضا الجمهور مئة بالمئة، وقلت أنني مررت بتجارب مسرحية، منها ما هو ناجحا ومنها ما هو متوسطاً، لكن لا بد من الاستفادة من نقاط الضعف ونقاط النجاح التي نمر بها، وهذا الأسلوب يتبعه الفنان الذي يملك طموحاً لتأسيس مدرسة مسرحية.. أنا إنسان أتعلم من أخطائي.

الفنان منير كسرواني

*أين مرّ مسرحك في ما تعتبره أخطاء، أو هفوات تعلمت منها؟

-أثناء الحرب لعبت في “الشونسونييه” مثلاً.. كنت مجبوراً ألعب مسرحية و”كنّا بدنا نعيش”.. لكن، لعبت دوري آنذاك بجدية.

*أي أنك تؤيد من يعتقدون أن “الشونسونييه” حالة متدنية من حالات المسرح.. هل يسقط الفنان المسرحي عندما يخوض تجربة “الشونسونييه”؟

-لا قطعاً.. لست أؤيد هذه الفكرة، “الشونسونييه” فن من فنون المسرح موجود.

“فلت الملق”

*ماذا تقصد بـ “فلت الملق” اسم مسرحيتك الأخيرة؟

– يعني “ضاعت الطاسة” وحدثت انزلاقات لم تكن بالحسبان.

*كيف ومتى “قلت اللّق”؟

-بدأت فكرة “قلت اللّق” مع انتحار عدد من الشباب الضائعين بسبب موجة شبابية ضلالية شبِيهة بسابقاتها واسمها “الهادر روك” ثم موجة “عبّادي الشيطان”.. وهي واحدة من جملة الصرعات الصهي.ونية الهادفة إلى ضرب وتخريب المجتمع العربي والمجتمعات الشرقية الأخرى.

-الغزو الثقافي الصهي/وني.. كيف نُناهضه؟

-بالأعمال الجديّة الهادفة.. وعلى صعيد المسرح، فيمكن للمسرح الجاد أن يلعب دوراً في هذه المناهضة، المشهود لكل عمل جيد، وليس ضرورياً أن يحمل خطاباً سياسياً مباشراً، كل وسائل الإعلام لها دوراً كبيراً في هذا المجال تتمنى أن تلعبه بل تطالب به، ويبقى المسرح الذي له الدور الأكبر في هذا المجال.(مقاطعاً): نعم، وهناك مسرحي وكاتب كبير لعب دوراً فعالاً في مقاومة التطبيع والتخريب الإيديولوجي ورحل.. سعد الدين وهبة الفنان الكبير طبعاً. نوجه لروحه تحية احترام وتقدير .

قيل من الشعر والسياسة.. كثير من الروح القومية

*المعاناة جعلتك تكتب شعراً، هل أنت شاعر؟

-عندما كنت صغيراً كان الشعر الذي أكتبه في تصنيف المحاولات، اليوم أكتب الشعر الذي أضعه في خدمة العمل المسرحي الذي هو الاهتمام الأول بالنسبة لي.

*لازلت تعاني حتى الآن “واللقاء على رأيك فلتان”…

-بقدر ما يعاني الفنان بقدر ما يمتلك الإحساس حتى يعبّر بجمال وعمق.. وأنا إنسان انطباَعي لا أكتب مشهداً مسرحياً وألعبه “للشيء”، لا بد أن يكون له موقف ما لحالة ما.. هناك معاناة كبيرة.

*صحيح الفن لا يأتي من العبث؟

-انظري.. أنا فنان بقدر ما أشارك الناس همومهم وأوجاعهم بقدر ما أعاني، والمعاناة الأكبر في الوطن العربي سببها الزحف.. البيان للتطبيع مع العدو الصهي/وني الذي ينوي تنفيذ اهدافه التوسعية والتصفية على جثث أبناء الأمة العربية..

*بالمناسبة هناك مشروع وحدة نقابية عربية للفنون في مجال التصدي للتطبيع، وتستطيع القول أن النواة كانت بروتوكول التعاون والتنسيق الفني بين مصر ولبنان.. ما رأيك به؟

-ما بدها نقاش “الفن هو الطريقة الأقرب للتضامن العربي”.. لكن لا بد لي من أن أسجل موقفاً حول الانشقاقات التي تحدث في نقابات لبنان الفنية، فالأجدر أن لا يفتح كل نقابة على حسابه، حتى نسير إلى الهدف الأهم، ولا أدري من الذي يهمه أن ينفذ هذا المبدأ السياسي الظالم المستورد “فرق تسد”..!

منير كسرواني وميراي بانوسيان(ام طعان)

*ماذا تقول لي عن شخصية الزوجة التقليدية بالشكل العام والفاعلة بالعنف الأصح في “فلت الملق”؟

-أم طعان، امرأة بسيطة وطيبة وتقليدية إلى آخر حد، لذا تسأل زوجها “شو يا رجال، الحالة لقدّام ولا لورا” فيجيبها “فلت الملق يا مرا” على أساس أن الرجل في المفهوم الشعبي هو صاحب القرار والرأي.

المرأة العربية في السلطة إمبراطورة

*أم طعان تملك موقفاً سياسياً تجسده بمسخراتها.. أم أنها تكرر الرأي الذي يبديه زوجها؟

-نعم، هي تملك موقفاً ولكن ليس بخطاب مباشر أو جامد، وعندما تخطب أم طعان على المنبر، يتقبض حالها جداً كثير..(يتابع) المرأة العربية هي أخطر امرأة في العالم إذا ما تسلمت السلطة.

*لماذا؟

-لأنها غير معتادة (نضحك معاً ويتابع): بعد القهر والظلم الذي تلقاه في حياتها.. فجأة تملك السلطة “ما حدا بيطيقها”.

*لكن تجارب المرأة العربية قليلة في هذا المجال؟

-خذي مثلاً مديرة المدرسة.. فهي مكروهة على الأغلب، لأنها تشعر أنها إمبراطورة.

*ربما لأن المرأة مُتعبة، على مدار سنوات، من صنع القرار لذا عندما تصل إلى مرحلة تستطيع فيها إتخاذ القرار، تتخذه بشكل مغلوط..!

-طبيعي، لكن ليس معنى ذلك أنني ضد أن تصل المرأة إلى السلطة، بل بالعكس، ونحن نريد أن تتخطى المرحلة الصعبة، ويمكن أن تترجم الأمة العربية المرأة.

“يا ريت”

*لا تحرّف فهمي “أنا أعتبر المرأة مساوية للرجل..

-“الملق فلت عامين كاملين.. ويكفي”

*هل توقفت مسرحيتك بسبب خروج ما عن النص (يضر بالحال الأمنية)؟

-(يضحك) لا لم تتوقف “فلت الملق” طوال عامين.. لكن ذات مرة وُجهت إلينا ملاحظة حول قول أم طعان “قاعدين ومادين إجريهن فوق السرايا؟”

*من هم الذين يمدون أقدامهم فوق السرايا؟

-أصحاب الوساطات، “يكفي.. يكفي”( يتابع) إذا لم ندخل بعض “النكتات” إلى النص شو بدّنا نقول كلام عادي؟! عامة الناس يقولون كلاماً عادياً.. نحن فنانون، نرتجلون مشاهد..!

*أي ترتجلون مشاهد…؟

-لا الخروج عن النص لا يعني الارتجال ولو كان كذلك، لما استمر العمل عامين من العرض المتواصل.

شاهد أيضاً

هيفاء وهبي:” لهذا السبب لم أمثل رسائل البحر ، ونقابة الموسيقيين تفهمت اللغط الحاصل”

حوار/ ابتسام غنيم(القاهرة/ من الارشيف) هذا اللقاء سجلته مع #النجمة_ هيفاء_ وهبي_ بالقاهرة_ حيث كانت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *