حوار/ ابتسام غنيم(بيروت)
” لا في آن روز” مسرحية تدور احداثها بزمن فيه الكثير من السيكولوجية الساخرة من خلال الابطال الاربعة طارق تميم، ايلي متري، صولانج تراك،لبنان عون، النص والاخراج لمايا سعيد مع فريق المسرحية التي تعرض حالياً كان لنا اللقاء التالي:
*جرأة منك طرح المسرحية بظل الظروف التي نمر بها من حروب؟
-الفكرة تبلورت عندي جراء الظروف التي نعاني منها، وأرتأيت أن أطرح ظروف الحروب وما نعانيه بسببهان من خلال زمن آخر، لأن التاريخ دائماً يُعيد نفسه، يعني “عنا الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية ويمكن نحنا على مشارف الثالثة” ،ومن غير لون، قد تكون اقتصادية أو اجتماعية وفق تطور الزمن لأن كل حقبه لها تداعياتها وتركيباتها.
*المسرحية تحمل اسقاطات سياسية؟
-“لاء مش كتير”، تناولت فيها وجع الانسان ومعاناته من خلال الاوضاع التي يعيشها، كل شخصية تمثل شريحة، يعني طارق تميم جسد دور شاب صغير هرّبه من الحرب العالمية الاولى، عندما وضعه والده على باخرة بطريقة غير شرعية فوجد نفسه في المانيا فكان أن لحقت به الحرب العالمية الثانية الى هناك، وكان من الضروري أن يلتحق بالجيش الالماني، صولانج كانت تعيش بلبنان وعاشت قصة حب دفعتها للهجرة أو الهروب للخارج ، ايلي متري والدته لبنانية ووالده المانياً ولد في المانيا والتحق بالتجنيد الاجباري في الجيش ومعه نلمس وجعاً من نوع آخر، هو لا يعيش معاناة الهجرة بل العسكري الذي لا نشعر بوجعه وحالته النفسية خلال الحرب، ومع ذلك تقرب من اشخاص على الجبهه وصاروا بمثابة عائلته ويموتون واحداً تلو الآخر، وهو مضطراً بقرار اتخذه أن يبقى للدفاع عن بلده، الشخصيات الثلاث طرحت وجعها بأسلوبها..
*نهايتهم وردية؟
-هم عاشوا السواد لكنهم ظلوا يبحثون عن اللون الوردي..(وتتابع) كشعب عربي او لبناني نخلق الفرح من الوجع، المسرحية كوميديا سوداء وتغوص في أغوار النفوس البشرية وأبعادها.
*مواضيع السيكولوجية بالفن لها ناسها؟
-درست علم النفس حتى أتمكن من كتابة الشخصيات بنصوصي لاعرف رسم أدوات وتركيبة كل شخصية كيف تفكر؟ بماذا تشعر؟ سعة ادراكها؟ توازنها النفسي؟ وغيرها من الخصائص.
*الى أي مدى تغوصين بشخصيات الفنان عندما تتفقين معه على عمل مسرحي؟
-(يعلق طارق ضاحكاً)-“اكلتلنا راسنا والله، بس أطيب من قلبها ما في، اول ما نقعد دغري بقلها كل شي صاير معي”(تضحك مايا وتضيف) كي يكون عملاً متكاملاً يجب أن يكون هناك هارموني بين الكاتب وفريق التمثيل.

*تسمحين لهم بالارتجال أو اضافات على الشخصية؟
-اكيد طالما هي تخدم وتفيد النص والشخصية التي يجسدونها.. “يعني لما قعدت مع طارق” فسرت له البعد النفسي للشخصية التي سيتقمصها لسبب إذا أراد ان يضيف شيئاً حتى يكون مطابقاً للشخصية وخطها..(ويعلق طارق) صحيح ودائماً أرتجل لكن ضمن الحدود، وسأقول لك شيئاً مهماً عن مايا وهو انها تجمع الممثلون وتدرس شخصياتهم وبناء عليه تكتب نصها وتوزع الادوار المناسبة لكل شخصية، أي تصنع شخصية تمثيلية للممثل بنصها تليق به تماماً.”(وتضيف مايا) العصب الذي يتميز به ايلي متري لا يشبه الشخصية التي يجسها طارق وبالعكس، ايلي يجسد مشهداً يضحكك مع دمعة وقادراً أن يستفزك ويكون الجغل، بينما طارق طفلاً كبيراً ينتزع الضحكة باسلوبه السهل الممتنع وبالتالي يُجسد المعاناة ويجعل المتلقي يبكي ويضحك في آن، بصراحة كلاهما رائعان ، وصولانج عجينة تمثيل ترقص تغني تمثل تضحك تبكي تجسد الخليط من المشاعر بعفوية.

*(وأسأل صولانج)مايا التي تركت لبنان لأجل حبها وعملت بالكبارية الى اي مدى احببتها؟
-هاجرت بداعي الحب وعملت مغنية بالكباريه، الكاريكتير مهضوم ولأول مرة أجسد هذه الشخصية التي لها لهجتها وادواتها ، مايا أوجعتني وأضحكتني بالوقت نفسه، هي “الشرعوبة” بالكبارية تغني وترقص ولو عادت الى لبنان سيقتلها والدها،من هنا كانت ضحكتها مغمسة بالغصة، وهذا ما لعبنا عليه بالنص.
*(وأسأل طارق)تتكلم بعض اللكلمات الالمانية بالمسرحية؟
-صحيح، مايا أحضرت لنا مدرساً المانيا لنتعلم اللغة” ايش ليبيديش”.(يضحك ويقول) لكن ايلي يترجم لنا الكلمات بالعربي وبالعكس.. مايا تكتب بعمق ولا تقتبس وتعتمد على دراستها بعلم النفس لذا نصوصها فيها واقعاً نعيشه كلنا وللا سف “ما حدا بيشتغل سيكولوجي بلبنان ومن هون مايا نصوصها عميقة ومهضومة مش ناشفة، المسرحية فيها رقص ومغنى ونوستالجي ومونولوج لعمر الزعني “،(وتقول مايا) الفكرة من المونولوج اننا كلبنانيين نأخذ معنا لبنان اينما سافرنا او هاجرنا”، (ويعلق طارق) مايا تكتب لي لشخصيتي ونتفاعل بالنقاش لنصل لاعلى درجات الارتقاء بالاداء”.

*(وأسأل مايا)كتبت للتلفزيون؟
-كتبت ” فرحة ومرحة”، و”زفة”،” درجة درجة” بعدها ركزت على المسرح.
*بمن تاثرت؟
-تشربت من الجميع، عندما كنت بالرابعة من عمري كان والدي يصطحبني الى المسرح كل أسبوع ومن هنا تعلقت به، الرحابنه عشت معهم الحلم، نبيه ابو الحسن عاصفة فنية، صباح البهجة والوطنية والحب، منير كسرواني الروح الثورية، وسيم طبارة الاستعراض والنقد وريمون جبارة البعيد عن العبثية عاشقة له لاني أميل للكوميدي السوداء وايضاً جلال خوري الذي غرد خارج السرب.. ومن العالم العربي أحب دريد لحام وعادل امام.
*(وأسأل ايلي)انت الجندي المجهول بالمسرحية؟
-نور الذي أجسد دوره كان يتمنى أن يكون “جندي مجهول” بهذا العالم، وليس الجندي المجهول لانه لا يملك صفات ايجابية هو يعيش حالة تمني عدم الوجود.

*كحال الكثيرين من شبابنا؟
-العالم كله يعاني من ” تروما” وكل واحد يتعامل معها بطريقة مختلفة، البعض يتعلم منها والبعض تتغلب عليه .. نور التروما التي يُعاني منها هي نتيجة افعاله، أحببت نور وتعاطفت معه لانه معقداً ومستحيل أن يتفهمه احداً، أبعاده النفسية متشعبة، ومايا كتبت شخصية فيها الكثير من الثقل النفسي، وكل شخوص مسرحياتها على هذا النحو، المشكلة “بالعتهان يلي بأدمغة البعض، والبراغي المصداية”.لا أحب الاعمال التي تدعي الفهم، بمعنى مايا لا تكتب لترضي الجمهور بل ليفكر معها، وبالتالي تجعله يفكر من دون” وجع راس”، مهمة الفن أن يؤثر على الشعب، وفي حال لم يفهم المتلقي عليّ ما أقدمه معناه اني لا أرضيه بل أُسليه، ويوجد دائماً رسالة لا تقولها مايا بل تغمز عليها وعلى قساوتها ومرارتها في آخر المسرحية.