الجمعة , يونيو 6 2025

جلال أبو سمير… المُنتج الذي يصنع أفلامه كما تُصنع القصائد: “من حلمٍ إلى هويّة”

كتبت/ مايا ابر اهيم

في زمنٍ صار فيه الإنتاج مجرّد رقم على شريط، وموقعًا في شارة النهاية، يطلّ جلال أبو سمير من ضفّةٍ أخرى… ضفّة يعرف فيها المنتج أن الصورة فكرة، وأن اللقطة نبض، وأن كل فيلم هو بيت شعرٍ لا يُكتب بالحبر بل بالبصيرة.فلسطينيُّ الجذور، سوريُّ الروح، مقيمٌ في أبوظبي منذ سنوات، يقود شركة Emirates Events كمديرٍ تنفيذي منذ عام 2018، وهو لا يديرها كوظيفة، بل كحلمٍ مستمرٍّ يتّسع لإنتاج إنساني راقٍ وتنظيم أحداث تُشبه أصحابها: أنيقة، دقيقة، وتعرف ماذا تقول دون صراخ.

أعماله قليلة… لكن كلّ واحدة منها تحمل توقيعه

في أرشيفه، لا عشرات الأفلام، بل محطات مختارة بعناية، كأنها جواهر في عقد لا يسمح بالتكرار.
من أبرز تلك المحطات: مشاركته كمنتج منفّذ في فيلم The Misfits (2021)، حيث لعب دورًا محوريًا في تنسيق مواقع التصوير في الإمارات، مثبتًا أن الحضور العربي في الإنتاجات العالمية ممكن، شرط أن يُبنى على مهنية راسخة ورؤية متأنية.وقبل ذلك، خاض تجربة فيلم Fate عام 2016، وأشرف على دبلجة أعمال سينمائية إلى العربية، كما أخرج أفلامًا ترويجية لجهات رسميّة، ما يكشف عن قدرة نادرة على التنقّل بين الفن والمؤسسة، دون أن يخسر لغته الخاصّة أو يتنازل عن حسّه الإبداعي.

الصوت الهادئ في غرفةٍ مزدحمة

في زمن يسابق فيه البعض الكاميرا ليظهر في الصورة، يختار جلال أن يبقى خلف العدسة، في المساحة التي تُصنع فيها المعاني. لا يُكثر من الظهور الإعلامي، ولا يتحدّث كثيرًا عن نفسه، لكنه حين يُسأل، يُضيء بلغةٍ رصينة على دور المنتج الحقيقي: ذاك الذي لا يموّل فقط، بل يرعى الفكرة حتى تولد مكتملة، ويصون الرؤية حتى تصل بكرامتها إلى الشاشة.إنه من أولئك الذين يعرفهم المخرجون من نبضهم، والفنيون من دقّتهم، والكواليس من صمتهم الطويل الذي يُنبت ثمارًا لا تراها إلا حين تكتمل الحكاية.

خاتمة… إلى حيث يصنع الضوء من الفكرة

جلال أبو سمير لا يعدّ الأفلام التي يشارك بها، بل يقيسها بميزان الدقّة والنية الصافية.
يمشي بخطى هادئة في عالمٍ يركض، يؤمن أن السينما ليست لهوًا ولا سلعة، بل نافذة تقول ما لا يُقال، وتُشبه من يصنعها.هو المنتج الشاعر، الذي يعرف أن كل مشهدٍ جيّد، يبدأ بسؤال:“ماذا نريد أن يبقى من هذا الفيلم بعد أن تُطفأ الشاشة؟”في عالمٍ تتسارع فيه اللحظات، ويُنسى فيه الكثير، يظل جلال أبو سمير صانعًا للحكايات التي تصمد أمام الزمن.منتجٌ لا يصنع أفلامًا فقط، بل يصنع هويةً تلامس الروح وتزرع في القلب بذرة الحلم.

شاهد أيضاً

طارق تميم… حين يصير الأداء حياةً لا مشهدًا

كتبت/ مايا ابراهيم في زمنٍ تشتدّ فيه الضوضاء، ويتراجع فيه المعنى أمام البريق، يظلّ اسم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *