كتبت/ مايا ابراهيم
في زمن اختنق فيه صوت الإنسان العربي بين الحروب والمنفى، برزت# أناملٌ_ سورية _تعيد صياغة الوجع موسيقى، وتحوّل النزوح لحناً للانتماء. #مايا _حسن_ يوسف_ ليست_ مجرد_ عازفة_ قانون_ بارعة_ بل هي سيدة تُؤنْسن آلة القانون، وتستخرج منها ذاكرة المدن، وصمت الأمهات، ونشيج الأطفال، وزفرات الناجين.وُلدت في دمشق، في بيت تضيئه الكتب والأفكار، لأب هو الكاتب حسن م. يوسف، وأم هي المترجمة روز مخلوف، فكان طبيعياً أن تتنفس الثقافة كما يتنفس الطفل اللبن. ومنذ نعومة أظافرها، تشكّل وعيها على إيقاع موسيقى المشرق، وارتبط اسمها منذ سن الثانية عشرة بجائزة أفضل موسيقي شاب في سوريا، وكأنّ القانون اختارها كما اختارته.
لكنّ رحلتها لم تكن على مقام “الراحة”. مايا غادرت دمشق محمّلة بالأسئلة، لا باليأس، فكانت الموسيقى جواز سفرها الوحيد. من دبي إلى مسقط، ثم إلى لندن، حملت معها صدى الشام، وصور البيوت المهدّمة، والحنين الذي لا يشيخ.ألبومها الأول “أحلام سورية” (2017) لم يكن مشروعًا موسيقيًا فحسب، بل بيان وجداني ضدّ الحرب. تنقلنا فيه مايا بين شوارع حمص المدمّرة، وعيون اللاجئين في المخيمات، وأحلام طفلة تركت لعبتها تحت الركام. أما ألبومها الثاني “Finding Home” (2022)، فيرتقي نحو سؤال وجودي أعمق: ما هو الوطن؟ أهو مكان أم حالة شعورية؟ فتلعب القانون لا كآلة موسيقية، بل كخريطة روحية تبحث عن بيت بين النغمات.مايا يوسف لا تقدّم فقط موسيقى، بل تبني جسورًا بين الثقافات، وتعيد الاعتبار لآلة القانون كأداة سردٍ إنسانيّ، عابرة للحدود. وقد استحقّت عن جدارة لقب “ملكة القانون” في الغرب، لا لكونها أول امرأة عربية تعزف القانون بشكل منفرد في المهرجانات العالمية، بل لأنها جعلت من القانون جسدًا نابضًا بالحياة، ينطق بالحقيقة، ويُشفي الغياب.في إحدى مقابلاتها، قالت: “كل نغمة أعزفها هي صلاة من أجل سوريا”. هكذا ببساطة وصدق، تُلخّص مايا رسالتها: فالموسيقى ليست ترفًا، بل مقاومة. ليست زينة للروح، بل خلاص لها.في زمن تتآكل فيه المعاني، مايا يوسف تذكّرنا بأن الفن الأصيل لا يُقاوِم النسيان فحسب، بل يكتب التاريخ بدمعٍ شفيف، ووتَرٍ نقي.