كتبت/ ابتسام غنيم
كان للبنان مبدع مميز وكوميدي جبلي ظل ينتقد أوضاع القرى والمناطق السياحية حتى كرّست ذاكرة الناس “جنون” ابداعه! هو “أخوت شاناي” الذي التف كل اللبنانيين حوله وأحبوه. وهو بهويته الاصلية #نبيه _أبو _الحسن_ ابن بتخنيه الجبلية، الذي أزدهر النقد الإجتماعي التلفزيوني من خلاله وجعل مختلف قطاعات الشعب اللبناني تلتف على حبه.
من مسلسل”أخوت شانيه”، انتقل نبيه أبو الحسن إلى المسرح ولمع نجمه فقدم “لعبة الختيار” و”اللعب ع الحبلين”، “جحا في القرى الأمامية”، “قبضاي”، اما مسرحيته الأخيرة “جحا”، فظل عرضها مستمراً طيلة أربعة أشهر.
وفي ذاكرة احد اللقاءات مع ابو الحسن، قال عن تلك التنقلات الفنية: “أخوت شاناي شخصية متصادمة مع العالم. مرة يكون عصبياً ومرة إنطوائياً. أما القبضاي فهو دور صعب يحكي عن مفهوم البطولة في هذا العالم المُتخلف، بينما في جحا فكان يهمني الانسان الذي يعرف كيف يتخلص من مشاكل الحياة بذكاء ودهاء”.
وعن نبيه ابو الحسن الإنسان كان يقول: “نحن تسعة أشخاص في ظل أب وأم كنا قانعيين بالحياة الطيبة التي نعيشها في بلدة (بتخنية) وكان للأسرة نصيبها في المزارع والحقول وكنت أتحمل شقاوة أخوتي وأتبنى أي موقف أو حادث ما دامت المسألة لا تجرح كرامتي، كنت في الخامسة من عمري عندما صرت أرافق أمي إلى الحقول وكنا نغني طوال الطريق وفي ظل ذاك المناخ والطبيعة والوديان والجبال كان الجمال يتفاعل بداخلي وحملني لعالم الفن ونزلت إلى بيروت وكنت حينها في السابعة عشرة وكان سلاحي شهادة السرتيفيكا وواصلت تعليمي ليلاً والعمل نهاراً وتعلمت الموسيقى في الكونسرفتوار وكنت تواقاً للغناء والتلحين ثم عملت في الصحافة وحزت على شهادة (الهاي سكول) ثم تلقيت منحة لأكمال علومي في النقطة الرابعة قسم الصحة فأخترت تعلم الأنكليزية لكن الفن كان يتفاعل بداخلي فقدمت إسكتشات وعزفت على العود”.
شخصية نبيه أبو الحسن كانت تنمو عاماً بعد عام وتتبلور وكان يصطاد عناصر الحكمة بجنون المبدعين وبأرواحهم المرهقة الحالمة، لينتقل بعدها إلى الإنتاج أسوة بالتمثيل بعد النجاح الجماهيري والإعلامي الذي حققه وإثار الجدل، حيث كان ينتقد الحُكام ويدافع عن المظلومين ويطالب بالعدالة الإجتماعية بين الفقير والثري. من هنا كانت إبداعاته تراثاً حضارياً خالدا..
آخر أعماله كانت مسرحية “أخوت حتى السلام)”عام ١٩٩٣ وبعد إنتهاء البروفات في المسرح، في طريق العودة للمنزل، توفي نبيه ابو الحسن بحادث سير، قيل انه كان مدبراً ثمن مواقفه الجريئة ونظرته السياسية المباشرة تجاه لبنان وسيادته. هكذا قضى ابو الحسن شهيد الكلمة والفن الصادم الذي يحاكي وجع الشعب. بعد وفاته، قدم شقيقه المهندس محمود ابو الحسن المسرحية بدلاً عنه، ليتحول نبيه، أخوت شاناي، لتمثال في بلدته بتخنيه!