الأربعاء , أبريل 24 2024

صباح.. كرمها السادات وغنت لمصر ولبنان وقتلوا امها واختها وحُرمت من ابنها ودخلت موسوعة غينيس!! وسلامة وصفها بالمغنية المزواجة!!

كتبت/ ابتسام غنيم

صباح علمٌ من أعلام الأغنية العربية عمومًا واللبنانية خصوصًا، حلقت بالغناء الجبلي بعيدًا، ليصبح لونًا مألوفًا ومرغوبًا من الجمهور العربي. قضت صباح معظم أيامها في دائرة الأضواء، ولم تخرج منها حتى بعد وفاتها، وتعد جنازتها من أغرب جنازات العالم، حيث أوصت ألا يحزن عليها أحد وأن يودعها الناس بالدبكة، وهذا ما تم فعلًا.. والمفارقة ان السيناريست ايمن سلامة الذي أطل قبل ايام قال ما لا يُمكن أن يقوله أي كاتب مثقف او حتى شخص عادي عن الاسطورة صباح  التي تعشق تراب مصر كما لبنان اذ اجاب هل كان يتمنى ان يكتب سيرة صباح فقال بثقة:” لا اكتب الا دراما وصباح مغنية وبتتزوج كتير”.. ” يا سلام على هذا الرد الانيق” من كاتب التقيته مرة  في القاهرة، كنت حينها بصحبة الكاتب الكبير كرم النجار، وتوسمت فيه الطيبة، لكني ذُهلت من رده اذ اختصر حياة الاسطورة بالزيجات الكثيرة ووصفها مغنية متجاهلاً لأغاني التي لحنها لها كمال الطويل. وساعدها نضوجها الفني والجسدي على ذلك، إضافة إلى تعاونها مع رياض السنباطي وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، رغم أن الساحة الغنائية حينها كانت تعج بأهرام الغناء العربي.. وما لا يعرفة السيناريست سلامة من أن المخرج عمر عبد العزيز وصفها يوم جنازتها بالموسوعة وطالب بدخولها موسوعة غينيس ( وهذا ما حصل فيما بعد)،

الصبوحة” سلمولي على مصر”

قدمت صباح عددًا كبيرًا من الأفلام للسينما المصرية، إضافةٌ إلى عددٍ كبيرٍ من الأغاني. وقد وصل عدد أفلامها إلى 83 فيلمًا بين مصري ولبناني، و27 مسرحية لبنانية، وأكثر من 3000 أغنية لبنانية ومصرية. اما ألبوماتها الغنائية ففاقت العشرين، بالاضافة الى عددٌ كبيرٌ من المشاركات في المهرجانات الفنية كبعلبك وبيت الدين وجبيل، ومن أهم المسرحيات التي قدمتها في هذه المهرجانات: “القلعة والشلال”، وفيهما تعاونت مع الرحابنة، ” ست الكل” و”حلوة كتير” وكانت من أعمال زوجها وسيم طبارة. وآخر مسرحياتها كانت “كنز الأسطورة” مع زوجها السابق فادي لبنان والفكاهي كريم أبو شقرة وورد الخال والأمير الصغير.

 

الشحرورة والموسيقار عبد الوهاب

كما تُعد صباح أول فنانةٍ عربيةٍ تقف على مسارح عالمية معروفة، منها الأولمبياد في باريس، وكارنيجي هول في نيويورك، وألبرت هول الملكي في لندن، كما قدمت عروضها في دار الأوبرا في سيدني.. وقد نالت صباح عن مسيرةٍ فنيةٍ حافلةٍ وكبيرةٍ عددًا كبيرًا من الجوائز أهمها،  جائزة إنجازات مدى الحياة من مهرجان دبي السينمائي، كما كرمتها السينما المصرية في القاهرة، ومُنحت لقب فارس من رئاسة الجمهورية اللبنانية. وقد افتُتح متحف في بلدتها بدادون ضم مقتناياتها ورسائلها.ودخلت موسوعة غينيس عن إرثها الفني الكبير، ويُدرّس صوتها في معاهد الموسيقا اللبنانية..

نكرمة في لبنان

ايضاً تكرمت بثلاثة أوسمة من الملك الراحل الحسين بن طلال، وكرمها الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة والسنغالي ليوبو، ومنحها الرئيس الراحل أنور السادات الجنسية المصرية تكريمًا لها، جائزة الإنجاز مدى الحياة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، كرمتها بيروت بإقامة تمثال لها، وكرمتها السينما المصرية في القاهرة. هذا فيما خص انجازاتها التي اختصرنا منها الكثير،

مع رئيس جمهورية لبنان السابق كميل شمعون

والفت السيناريست سلامة ان كثر كانوا يتمنون ان يًخرجوا او يكتبوا سيرتها وابرزهم المخرج الدكتور سمير سيف الذي صرح لي بهذا الامر عام 2006 لاعجابه الشديد بشخصية الصبوحة على المستويين الفني والمهني كونها عاشت العذابات لكنها مرة لم تكن تندب حظها لاحد.. وفيما خص زيجاتها الكثيرة يا استاذ سلامة الجواب اخذته بنفسي من تصريح للاعلامي القدير الراحل وجدي الحكيم الذي سجل معها الكثير من الحوارات وقد قال لي بالحرف بتصريح صحفي:” صباح تزوجت كثيراً وفشلت لانها كانت تبحث عن الامان بكنف رجل ولم تجد هذا الانسان”..

مع وديع الصافي ونصري شمس الدين في بعلبك

اما حياتها فهي بحد ذاتها دراما من قتل اختها برصاصة طائشة امامها وهي طفلة الى مشاكلها مع والدها، مقتل والدتها، زواجها الاول خطيفة هرباً من الواقع المر الذي تعيشه ببيت العائلة ثم مناكفات اسرة زوجها لها وحرمانها من ابنها صباح، حتى ولادتها كانت مأساة بالنسبة للاسرة وهي بنفسها اعترفت يذلك حيث قالت بتصريحات صحفية:” ولادتي كانت أول صدمة.. فانني استقبلت بأسوأ ما تستقبل به مولودة.. بكاء وعويل، وصراخ وأسى، وعتاب لله لماذا يا إلهي بنت.. لماذا لم تكن ولدا! وأفاقت أمي وتأملت وجهي، وبكت قائلة: وقبيحة أيضًا يا ربي!!».

مع زوجها الاول نجيب الشماس وابنها صباح

 

وتستكمل  الشحرورة صباح حكايتها عن نفسها، وكأنها تكتب رواية أدبية، أو مذكراتها الممزوجة بالمشاعر والمشكلات والأفراح والأحزان، وتقول: “عندما بدأت اعرف المرح والسعادة دفعت الأقدار بشحنة حزن إلى طريق حياتي. كان لي أخ، كان جميلاً كالأطفال في لوحات مايكل أنجلو، والكلمات المعدودة التي عرفها في عمره المبكر كانت شهدا حين يقولها ويلثغ فيها لسانه. وأصيب أخي بداء في المصارين وعرف الفراش أيامًا وليالى وأشهر.. كان من فرط الحمى يغمض عينيه، ولكنه يعرف كل قادم من وقع أقدامه، من حفيف صوته إذا همس، فيناديه باسمه، ويحدثه.. وكان بيني وبينه حب كبير، فقد كان الوحيد الذي لا يعرف انني مكروهة، لانني ثالثة البنات، وكان ينظر إلى شقاوتي على انها مطمحه وهناء إذا غادر الفراش.. وشفي أخي وخرجت به إلى الحديقة أنزهه، وكان الجو باردا، ولكنه لم يحس به.. أحس به عندما عاد إلى فراشه وانتابته حمى، وجاء الطبيب وقال التهاب رئوي، وفي أيام.. أيام معدودات، انتقل فيها أخي من سيء إلى أسوأ.. وانتقل بعد هذا إلى رحمة الله!

مع حبيبة امها هويدا

وبكيته من قلبي، وعرفت لوعة الفراق… رجل أحبه مد يده لينتشلني من الأحزان، عمي.. اسمه اسعد فغالي، وقد كان زجالا معروفا وكانت الصحف تسميه «شحرور الوادي» لكثرة ما تردد المغنيات والمغنون ما يكتب، كان يأخذني معه إلى السينما، وينتصر لى فى البيت. لكن عمي حبيبي ايضا مات وترك لوعة في قلبي، وسأختصر الكثير من الظروف والملابسات والأشواك في طريقي لأقول أن المحاولة التي حاولها الاستاذ قيصر يونس قد كللت بالنجاح، فطرت إلى القاهرة ولم أكمل السادسة عشرة، وقمت ببطولة فيلم «القلب له واحد». وإذا كنت قد تحررت من شقاء الأسرة بالعمل في السينما والكسب، وقصة الدجاجة التي تبيض ذهبًا، فانني وجدت نفسي امضي على طريق من شقاء آخر.. استبدلت لي الأقدار بقسوة الأب قسوة الزوج، أول زوج، من طرابلس له أرض وضياع وتجارة وله ولد من زوجة أخرى، وله عمر يبلغ ضعف عمري، تقدم وكان في أول الأمر طيبًا فأحببته، وتزوجنا وأنا طائعة راضية فتكشفت لي جوانب أخرى لم أكن أراها فيه.

الاسطورة

بدأ يعلن حربه على فني، ويحول بيني وبينه، أسكنني طرابلس بعيدا عن كل مسرح وشاشة فقبلت، وقتلني ملل الحياة في مجتمع بلدة صغيرة لا يتجاوز نشاط المرأة فيها زيارات البيوت وإفشاء الأسرار.. وأنجبت ابنا فعوضني عن الملل، ولكنني لم أطق البعد عن الفن الذي خطوت فيه خطوات ناجحة، وأعلنت رأيي فقسا، وأصررت على رأيي فازداد إصرارا على القسوة. وقبض عني مالي، استولى على عمارة كنت املكها في طرابلس، وكان ثمنها 40 ألف جنيه.. والضغط يولد الانفجار، وقد حدث، وحصلت على الطلاق، وحال زوجي بيني وبين ابني «صباح»، فبكيت النهار والليل معا، واضرب ابني عن الطعام حتى يراني، ولانت أعطاف الأب.. وكان قد مضى على بعدي عن ابني عامين!

ماتت أمي في حادث، وأنا لم أسمع عن الحادث في حينه، ولكن أحلامي دلتني عليه، نعم.. رأيت أمي مضرجة في دمها، رأيتها نعشا محمولا على الأعناق وأنا في سواد ابكيها وأصابني انهيار عصبي.. وبكيت أمي بعد الأوان، وبكيت أخي الذي خسرته في يوم واحد مع أمي.. ومنذ ذلك اليوم كرهت أحلامي، فإنها دائمًا نذير بما يحدث، وكرهت أحاسيسي فإنها تزحف بالحزن إلى صدري قبل أن يقع موجب الحزن. انقبضت ذات مرة وتجمعت في صدري نبوءة كارثة، وصليت لله أن يمنع الكرب المقبل الذي لا تخطئه أحاسيسي، ليست السعادة في المال، ولا في الشهرة السعادة، وخذوها مني حكمة، سعادة القلب! وقلبي الكبير بأول زواج من حقه أن يبحث عن حب.. وعقدة زواجي الأول هي أن زوجي كان غنيا فأذلني لأنه ينفق علي… كي تحل العقدة يجب أن أبحث عن رجل يتساوى معي في الدخل.. على أكثر تقدير حتى لا تكون مذلة! والتقيت به، كنت التقي به كثيرا كلما سجلت لحنًا أو غنيت في حفلة، وكنت أحب فنه، وفي وحدتي أحببته.

قال لي وكنا ليلتها قد جمعتنا حفلة في بيت الفنان فريد الأطرش، قال لي أنه يحبني وأنه يتطلع إلى اليوم الذي أقبله فيه زوجا.. واتفقنا، وبسرعة تزوجنا.. وإذا كنت قد تساءلت- منذ اسطر مضت- أمن الكثير أن اخرج من تجربة الزواج الأول بدرس.. درس واحد، هو أن أتذرع بالصبر على من يختاره قلبي لأشرك في الحكم عليه عقلي؟ إذا كنت قد تساءلت هذا السؤال فإنني أعود فاعترف انني لم أنفذ ما جاء فيه. فانه لم تمض بين معرفتي الحقيقية بأنور منسي، وزواجي به فترة كافية لأشرك في الحكم عليه عقلي! وعمر سعادتي معه محسوب بالأيام والأسابيع، فسرعان ما تقلب ولم يحمل مسئولية، وأنجبت هويدا فأغدقت عليها حنانين، حنانا لها أصلا، وحنانا اختزنته لابني صباح البعيد عني، والذي لا أراه إلا مرة في العام.. وافترقت عن أنور بعد أن بدا أن العشرة الطيبة تدخل في نطاق المحال”.

الاسطورة صباح مع الاعلامية ابتسام غنيم بصورة من الارشيف

هذه بعض من لصريحات الصبوحه، هذا بالاضافة الى فقدانها صوتها بمرحلة ما واتهمها بالظهور مع صهيوني ووضعها على القائمة السوداء، وكانت مكيدة مدبرة لها سرعان ما خرجت منها لانه معروف عنها وطنيتها وعروبتها.. ولا يمكن ان ننسى ان الصبوجة ساهمت بظهور الكثير من الفنانين، فنيا وموسيقيا وكانت لها مواقفاً جميلة وتحسب لها مع الفنانات.. وغيرها من التفاصيل التي لا تعرفها ايها السيناريست المخضرم..

الشحرورة وابنة شقيقتها جانو

في كل الاحوال تبقى صباح هي كنز الاسطورة التي غنت “وطني الاكبر وسلمولي على مصر ويا لبنان دخل ترابك” وغيرها ، بالاضافة الى الابو الزلف والميجانا والعاتابا لان صوتها نابع من قلب الصخر.. واخيراً وليس آخر كتبت حباً ودفاعاً عن الصبوحة التي ظلمت كثيرا بحياتها وايضاً في مماتها لكن تاريخها وونجاحاتها يشفعان لها عن الالم الذي عاشته،، وكما اسلفت الذكر تبقى الصبوحة الشحرورة وست الكل وشمس الشموس ويبقى من يجهلها محلك سر.

شاهد أيضاً

الدراما العربية لرمضان 2024: “داع/رة دامية تزور القيم لمجتمع يدعي التدين والعفة!”

بقلم / جهاد أيوب الدراما العربية للموسم الرمضاني فقط وفي هذا العام 2024 بغالبيتها خاوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *