الإثنين , ديسمبر 2 2024

الجنرال عادل شاهين:” لم نعذب باروخ عندما اسرناه ورأفت الهجان سبق عصره وجمعة الشوان بطل الابطال”

حوار/ ابتسام غنيم(من الارشيف)

اللواء الدكتور عادل شاهين هو صاحب مسلسل”الصفعة” الذي شاهدناه في رمضان المنصرم وهو قبل توجهه للدراما كان يشغل منصب وكيل المخابرات العامة ووكيل اول للوزارة، وعندما بدأت معه الحوار(قبل سنوات وأُعيد نشره اليوم في خانة الارشيف مع اقتراب موعد نصر 6 اكتوبر) اشترط عليّ بلطفٍ شديد ان يسجل الحوار ايضا بالتسجيل خاصته ليضعه بأرشيفه وبالتالي كي لا يحصل اي تحوير غير مقصود بمضمون المقابلة وعندما ابديت له ترحيبي بدأ الحوار بالقول:

-انا احترم مصداقية الاعلام اللبناني وواثق منك لكن بحكم منصبي السابق يهمني ان احتفظ بنسخة من التسجيل لاضعها بأرشيفي وبالتالي كي لا يحصل اي لغط غير مقصود اثناء تفريغ الحوار.

*”الصفعة” هو اول عمل درامي كتبته حدثنا عنه؟

-“الصفعة”هي قصة حقيقية حدثت بالواقع وكان لها ارهاصات ومقدمات عامة لاتستطيعين ان تنسيبيها الى ما ستنتهي اليه، كونها مرت بمراحل عدة اعتباراً من العام 1954 حيث صادفت الجالية اليهوديه التي كانت تعيش بسلام مع المسلمين والمسيحين في مصر، وكانوا ثلاثتهم يمثلون الاديان السماوية والمنزل الواحد بتلك الحقبة اذ كان يجمعهم تعاطف شديد، هذا الواقع كان سائداً قبل ثورة يوليو 1952 واستمر بعدها بعامين حتى قامت اسرائيل بخطوة تهدف من خلالها تأخير جلاء الانكليز عن مصر بعد المفاوضات التي اجراها الزعيم جمال عبد الناصر عام 1951 عندها ارتأى اليهود بأسرائيل ان يحدثوا اضطراباً في مصر يكون من شأنه تعطيل الانسحاب والجلاء، وكان صاحب الفكرة وزير الدفاع الاسرائيلي بنحاس لافون الذي ارسل مجموعة الى مصر مزودة بمواد متفجرة في اشكال متنوعة كهدايا والعاب، وكان في هذا التوقيت الثورة المصرية قد استقدمت مجموعة من الخبراء الالمان لتطوير منظومات الاسلحة عندنا، فرصدوا اماكن هؤلاء الخبراء بضاحية المعادي ومنطقة مصر الجديدة، وقاموا بتفجير مركزي الثقافي الامريكي في الاسكندرية  والقاهرة،والغاية تقليب الدول علينا واحداث اضطراب لتعطيل عمل الخبراء الالمان والجلاء، مما جعل الخبراء يغادرون مصر ومن تداعياته ايضاً ان الجالية اليهودية التي تعيش بمصر بدأت تشعر انها متهمة كون كثر يخلطون بين اسرائيل واليهودية كديانة، مع العلم ان اليهود في مصر مثل المصريين تماماً كما كان لهم دوراً وطنياً بالتجارة والانتاج الفني والصناعة وغيرها من المهن، واذكر انه بالفترة الملكية ارتقى منصب وزير مالية مصر (قطاوي باشا) وهو من اصول يهودية وذلك عام 1947، الا ان هذه التدعيات جعلت ايضاً الطائفة اليهودية تخاف كما ان بعض افراد الشعب المصري صار يشعر بالنفور، واسرائيل كانت حينذاك قد بدأت بتكوين اول جهاز مخابرات لها وهو الموساد، وهذا تشكيله اتى من رواد كانوا يعملون في مجال التجسس عبر مجموعتي”الهاغانا وشترم” اللذين كانا من الجماعات المتشددة جداً، وكانوا يسعون لأزدياد الكثافة السكانية بأسرائيل فصاروا يرسلون بعض الرواد الى اليهود الموجودين بمختلف اقطار العالم في هولندا واليونان ومصر وروسيا وغيرها،(المهم ياستي لما حصلت الانفجارات دي) جمال عبد الناصر قال يجب ان لا نعتمد على البوليس السياسي الذي هو من عهد الملك فاروق، واعطى تعليمات بأنجاز جهاز مخابرات في مصر وتم تكوين مبدئي من بعض الرواد القادة الذين كانوا بالجيش المصري والبوليس واسسوا مجموعة وصاروا يعملون على مقاومة الاعمال التي تأتي من الخارج للاضرار بأمن مصر كون يخطط لها منظمات من الخارج واقصد اسرائيل(ويتابع) انا بمسلسلي”الصفعة” تناولت قصة حياة عائلة يهودية كانت مقيمة في منطقة الضاهر شارع رقم 8 في حارة الطواق متفرعة من شارع زهدي، الاب يعمل بمحل”كلوت بيك”، ولدية باروخ زكي مزراخي هو الجاسوس الذي بنيت قصتي عليه،وبالمناسبة كان تلميذاً شاطراً بـ “الفرير” وكان يتقن اللغة الفرنسية ثم نال بكالوريوس تجارة من جامعة القاهرة، وعمل مدرساً للغة الفرنسية بمدرسة الاقباط الثانوية في منطقة شبرا، ومدرسة اخرى بعد الظهر اسمها”قطرة اللبن” وهناك تعرف الى فتاة يهودية اسمها  “بروفت” اغرما ببعضهما، وعندما ازدادت هجرة اليهود من مصر، سافر والدها وشقيقها الى لندن، واختها الكبيرة الى اسرائيل واقنعتها بذلك وطرحت الفكرة على باروخ لكنه رفض، الا انه فيما بعد صار يفكر بالموضوع بأيعاز من اصدقائه الذين صاروا يهاجرون واحداً تلو الاخر،والد باروخ رفض فكرة الهجرة ومات في مصر ودفن بالبساتين، وامه عارضت ايضاً ترك مصر الاانه فيما بعد ضغط عليها وذهبا الى اسرائيل، اما اخته فبقيت بمصر واستغلت كنية عائلتها لتعمل بالفن كون كبير المنتجين حينها كان توجو مزراحي، ومع ذلك لم تستطع ان تروج لنفسها كفنانة، اما باروخ في اسرائيل فعرف هناك ان عدو الموساد الاول بالعالم العربي هي اسرائيل التي ارتأت ان تعيده الى مصر ليتجسس فخضع للتدريب في الجيش والبوليس الداخلي، وصار يذهب ليراقب الفنادق والاماكن العامة والخاصة وبعدها انخرط بالموساد وسافر ليصقل تدريبه في”لوكسمبورغ” ليتقرب من الجالية المصرية المقيمة هناك ويسرق جوازات سفرهم، ثم سافر الى باريس وهولندا واختلط بالجاليات المصرية والعربية،منتحلاً شخصية تاجر مغربي،حيث كان قد اتقن اللهجة المغربية اثناء التدريب،وهنا اخذت تلك القصة اي الهيكل وبنيت عليه النسيج الدرامي، والشخصيات النسائية اضفت عليها  شخصيات من الخيال.

*الم يكن لباروخ اي ولاء لمصر كونه ولد وعاش فيها سنوات عدة؟

-في اول الامر كان لديه ولاء شديد، لكن الرواد اقنعوه ان يذهب الى اسرائيل وان من حقه العودة الى ارض الميعاد(يعني غسلوا دماغو)،وفي داخل اسرائيل ضمن سياق المسلسل الفت شخصيات لاعطي القصة بعداً وعمقاً وبعد سلسلة احداث يظهر ظابط المخابرات المصري الذي يكشف سر باروخ ويلقي القبض عليه، وقام بدور باروخ كما شاهدتم الفنان شريف منير وبدور الظابط الفنان هيثم احمد زكي.

 

*من هو الظابط الحقيقي الذي لعب دوره هيثم؟

_-الذي تابع هذا الموضوع اي التجسس على باروخ عدة اشخاص وكلهم يكملون بعضهم.

*كنت واحداً منهم؟

– انا عاصرت الموضوع واكتفي بذلك ولا استطيع ان ابوح بأي شيء

*اشعر انك الظابط الحقيقي كونك كتبت العمل بحرفية شديدة؟

– كتبت العمل بحرفية مخابراتية ولست الظابط الذي لعب دوره هيثم، ثم ان اول من كتب للجاسوسية في مصر هو صالح مرسي رحمه الله الذي ابدع رغم انه ليس بالمخابرات، فما بالك عندما يكون شخصاً مثلي منخرطاً بالجهاز، حيث بيّنت ادق التفاصيل(ويتابع) اريد ان اقول شيئاً نحن لدينا احترام لاسلوب العمل داخل بالمخابرات حتى بعد ان نخرج منها، لاننا نعمل بجهاز وطني له خصوصيته واحترامه(يضحك ويعلق) ومهما حاولتي التحايل عليّ بالاسئلة لن اقول لك من هو الظابط الحقيقي.

*المرأة لها دوراً بالمخابرات ؟

-طبعاً بكل اجهزة العالم المرأة لها دورها الفعال واهمية قصوى في المخابرات،هذه الصورة العامة (عشان كده بالعمل بيّنت كيف ان المرأة يمكنها ان تقوم بمهام وطنية لصالح مصر).

 

*بأمانة من جذبك اكثر بتمثيله شريف منير ام هيثم احمد زكي؟

-كانت بينهما مباراة تمثيلية رائعة، لكن بالعمل الدرامي يجب تبيان  الخصم قوياً لتكون الاحداث مثل “ماتش الفوتبول” وليزداد الابداع بالتمثيل اكثر،لذا اختيارنا لشريف بدور الجاسوس يعود لخبرته الفنية الكبيرة، كما لعب دور الصهيوني بفيلم”ولاد العم” سابقاً واعجبني جداً، اما هيثم فهم نجم واعد وكان الدور مناسباً له كون الظابط كان في عمره تقريباً عندما واكب تلك القضية فلعب الشخصية بأتقان مميز، وعلى فكرة الجيل  الفني الحالي واعد جدا.

*وماذا عن شيرين رضا؟

-كانت رائعة مثل النمرة الهادئة ولعبت الدور بأتقان شديد شكلاً ومضموناً، اعتبر انها ابدعت بالتمثيل.

 

*ماذا قصدت بالصفعة؟

-اردت ان اقول ان هناك قيمة ستعلو وتتمكن وتنقض على الاخر وتصفعه، نحن رأينا ان ما فعلته اسرائيل تطاولاً كبيراً من خلال تصدير باروخ فكان ان اقتنصنا منهم باروخ واسرناه فكانت صفعة للموساد.

*ماذا قلت لباروخ عندما شاهدته اثناء الأسر؟

-بعدما سقط بقبضتنا عض اصابع الندم بلا حدود وبكى كثيراً كيف ترك مصر واستجاب للموساد، كيف تنكر للبلد الذي ولد فيها وربته ونعم بخيرها واستمتع مع اصدقائه، وعلى فكرة حتى بعد ان القينا القبض عليه لم نعذبه وكنا نلبي طلباته “يعني مرة طلب ان ياكل ملوخية بالارانب فأحضرنا له طبقاً على الفور”، وقد اظهرت الاخلاق العامة بالمخابرات المصرية وكيف انه غير صحيح اننا نعذب الاسرى واقسم بالله ان هذا لا يحصل في جهازنا مطلقاً، وعام 1972 صدر على باروخ حكماً بالاشغال الشاقة، واتت بعدها الصفقة عقب انتصار اكتوبر في العام 1973 حيث تبادلناالاسرى، لكن لو كان الجاسوس مصرياً لاعدم على الفور، وعلى فكرة اثناء تسليمنا باروخ للموساد كان يسلم علينا ويبكي بندم شديد لان ادائنا لمهماتنا الوطنية كانت على خلق واكرر اننا لا نعذب الاسرى وهذه التعليمات تطبق بالمخابرات على مر الازمنة، وعمليات استدراج والتحقيق مع الجواسيس تتم بنواحي علمية وتكنيكية وعلمية ومن اهم الامور التي يتم التركيز عليها معالجة الازمة.

 

 

 

*لنتحدث عن الاعمال الجاسوسية ما رأيك بمسلسل”رأفت الهجان”؟

– رأفت قام بأعظم العمليات المخابراتية المصرية، ونحن بالمخابرات على مستوى العالم يتراوح ترتيبنا ما بين الرابع والخامس، زمن رأفت الهجان سبق عصره بخمسة عشرة سنة على الأقل، اذ اخترق اسرائيل وكيانها وجيشها ونجح بأمتياز.

*قيل عن رأفت الهجان انه عميلاً مزدوجاً؟

– دائماً الكيان الصهيوني عندما يفشل في اية مهمة كانت يبدأء بنشر اشاعات مغرضة واثارة موضوعات جانبية كاذبة بغية البلبلة.

*دانيال ابن الهجان لم يأخذ الجنسية المصرية واعترض على هذا الامر عبر وسائل الاعلام؟

– سأقول لك شيئاً نحن دورنا بالمخابرات تخصصي اي نوعي لا ندخل بتفاصيل الامور الشخصية”ده امه مين واصلها ايه”، هو عليه ان يتقدم بطلب للجنسية للدولة وهي تقرر.

*ماذا عن”دموع في عيون وقحة” عن البطل جمعة الشوان الذي لعب دوره عادل امام؟

– انت صديقة ابنه وتعلمين جيداً ان جمعة بطل الابطال،وهو ضحى كثيراً لصالح تراب ارض مصر، وكلنا كذلك وليس لاي احد منا غاية ما، اليوم انا اجلس معك واسجل حواري بناء على تصديق مسبق بالموافقة من رئيس المخابرات وكنت اتمنى ان يتعمق”دموع في عيون وقحة” اكثر بتفاصيل حياة الشوان.

 

*الفنانون الذين جذبوك بدوري الزعيمين جمال عبد الناصر وانور السادات؟

-جيلي مرتبط بالزعيم عبد الناصر، هو ذات شخصية عروبية الهوى ربنا خلقة مصرياً لكنه كان يفكر بالامة العربية، كان عبقرياً، انور السادات كان مصري الهوى لان سيناء كانت محتلة ويريد تحريرها،وارى ان الفنان احمد زكي ابدع بدور السادات بفيلم”ايام السادات”، اما عبدلله غيث بمسلسل”الثعلب” فقد لعب دور السادات بخصوصية مميزة،كون السادات شخصية ذات كاريزما وتعبيرات متفردة به ، بينما عبد الناصر فكان صاحب فكر مهم جداً لن يجود الزمن بمثله( يقول بعد ان تذكر جيداً)احتفظ بصورة لعبد الناصر عام 1966 حين كان الفيلسوف الفرنسي سارتر يهاجمه ويتهمه من انه قابض على الحرية، عندها طلب الزعيم مقابلته ونجح بأستدراجه الى مصر ليقابلة، فأتى مع زوجتة واحد الكتاب الصحفيين اليهود واسمه كلود سيمان الذي الف كتاب(المحرقة) عن الهولوكست، المهم يا ستي ان مقابلة عبد الناصر للاشخاص مدتها لا تزيد عن النصف ساعة، الاان سارتر بقي معه ساعة ونصف ولا يريد ان يتركه، وبالصورة التي عندي تُظهر كيف سارتر يسلم عليه وينظر الى عينيه وهو منحنياً، والكاتب اليهودي منبهراً من خلال نظراته بعبد الناصر، لذا هذا الزعيم لايستطيع اي شخص ان يصمد امام نظرات عينيه اكثر من نصف دقيقة بالاضافة الى الكاريزما التي منحه اياها رب العالمين، وانا شاهدت رياض الخولي يؤدي دوره في مسلسل(ام كلثوم) كان جيداً، لكن خالد الصاوي بفيلم(جمال عبد الناصر) للمخرج السوري انور القوادري كان افضل الى حد ما، اما احمد زكي فأحببته بدور السادات لانه قريب الشبه منه من حيث التركيب الجسماني اكثر من شبهه بعبد الناصر.

*الجديد الذي تعده درامياً؟

-احضر لعمل جديد لا يمكنني ان افصح عن تفاصيله ولا عنوانه الا بعد عرضه على الجهات المعنية والمختصة(يضحك ويقول) ما تخافيش حتكوني اول حد يغطي العمل لانه سيكون مفاجأة للعالم العربي.

 

شاهد أيضاً

صاحب ” حلو الفن” فرنسوا حلو لامال فقيه:” يطلقون على انفسهم القاب، واغلب اصحاب المدونات لا علاقة لهم بالكتابة والصحافة”

“ما ارتهن ولا يوم لجهة معينة، أو استسلم , وساير الدارج، أسلوبو ماييشبه حدًا حتى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *