الجمعة , أبريل 19 2024
أخبار عاجلة

محمد سعيدون(ابو وسام): ” حُرمت من كلمة بابا فتاجرت بالاسحلة وانتجت للسينما ورفيق الحريري كسر ضهري وتعرضت لاكثر من محاولة اغتيال!!

محمد سعيدون" ابو وسام"

حوار/ ابتسام غنيم

محمد سعيدون الشهير بـ” ابو وسام” صاحب مقهى #”المستقبل” التي كان يتجمع بها كل اهالي منطقة#” عائشة بكار” للعب الورق وشرب القهوة المُرة مع الاركيلة العجمي، بداخل “سعيدون” قصة كبيرة قد تنفع فيلماً سينمائياً لما تحمل في طياتها من اضداد، اي الحب والعنف، الفن وتجارة الاسلحة، مرافقة الزعماء والبسطاء على السواء.. لا يحب ” الفخفخة” ويفتخر بماضيه وطفولته البائسة التي ما ان يتذكرها حتى تُدمع عيناه قهراً فتخال نفسك انك امام قلب مليء بالعاطفة يمشي على قدمين، وليس امام تاجراً للاسلحة عقد اكبر الصفقات مع المافيات بكل دول العالم، ثم خاض عالم #الانتاج السينمائي بعز الحرب، فأنعش السينما اللبنانية وقدم مجموعة من افلام الاكشن مثل “المغامرون، و”الممر الاخير” وغيرهما.. معه في كانت هذه الدردشة العفوية التي خصنا بها وتحدثنا بشتى الامور.

 

*اسمك اشهر من نار على علم بمنطقة “عائشة بكار”؟

– انا من افتخر من انني ابن هذه المنطقة التي ولدت وتربيت فيها، احبها واشعر انها قطعة من قلبي ان لم تكن روحي كلها، ” ياما تخانقنا وتصالحنا لانو الدم ما بصير مي”، اما الجيل الشباب الذي لا يعرفني شخصياً، ما ان يسمع عني من خلال اهله حتى يأتي ويتعرف اليّ “واعتبر الكل متل ولادي عمري ما فرقت بين حدا ابداً”، (يضحك ويقول) البعض من لا يعرفني يكلمني بلهجة معينة، وعندما يعرف من #ابو وسام سعيدون تتغير طريقة كلامه معي، ورغم ذلك اراعي مشاعر الكل، لاننا ببلد شأنا أم أبينا هو مُسيّس وطائفي وعليّ ان احتوي الجميع، لاننا اولاً واخيراً ابناء هذه المنطقة التي جمعت كل الطوائف بلا تفرقة.

*بصراحة هل تعاركت يوماً مع احد من ابناء المنطقة؟

– اتحدى ان يقول رجلاً اني ضربته، او امرأة اني تعديت عليها، او شاباً اني آذيته، اعوذ بالله عمري لم اقل كلمة تسيء لاحد، علماً انه يوجد من لا يحبني لكن بالمقابل يحترمني، وليس مطلوب من الجميع ان يحبونني، الاحترام اهم وقبل كل شيء، كما لا تنسي ان قهوة #” المستقبل” يتردد اليها الزعماء والشخصيات البارزة مما يولد الغيرة لدى البعض، لكنها غيرة آنية لا تلبث ان تزول.

*كيف تتقرب من الغيارى؟

– اسايرهم لاكسب ودهم ولاريهم اني لا انوي شراً بأحد، ومن هنا اكسبهم كأصدقاء، وبالمقابل اتعمد ان اجعل اعدائي قبالة وجهي ورفاقي من خلفي، لان الرفيق الحقيقي لا يطعن مهما اختلفت معه، بينما العدو ينتقص الفرصة ليغدر ويفر، ” لهيك بخليه قدام وجهي”.

*تصدق ما يشاع عنك عن لسان البعض؟

– ابداً، لا اصدق الا ما تراه عيني وتسمعه اذني، وبين العين والاذن 4 اصابع (يضع كفه بين عينه واذنه على حافة وجهة ويقول) ” عدي كم اصبع يفصل بين العين والاذن، اربعة اليس كذلك؟”، فكيف عليّ اذن ان اصدق كل ما يقال من دون ان اسمع وارى بنفسي، لذا اطنش ولا احمل كرهاً لاحد.

*اكثر ما تكرهه في حياتك؟

– الاب الذي يُعامل اولاده بقسوة.

*ذقت مرارة الوجع من والدك؟

– لم اتعرف اليه الا عندما كبرت، كان عمري 4 اشهر حين تركني وامي، وتزوج من اخرى وانجب منها ولداً وطلقها، وتزوج من ثالثة وانجب ولداً وتركها، وعندما كبرت تعرفت اليه، وبالنسبة لشقيقاي فقد مات الصغير وبقيت انا واخي الغير الشقيق والذي يشبهني تماماً وكلانا عانينا نفس الوجع فراق #الاب.

*يعني عشت محروماً من كلمة #بابا؟

– (تدمع عيناه ويبكي ويتوقف عن الاجابة)

*سعيدون البطل تاجر الاسلحة يبكي؟

-لان سؤالك آلمني جداً، فعلاً عشت محروماً من كلمة بابا، مرة لم اقلها لاحد، زوج امي كان رجلاً طيباً وحنوناً ويحبني لكني كنت اناديه بـ” عمي” بينما اخوتي اي اولاده كانوا ينادونه بكلمة بابا، عايشت وجع امي ومعاناتها وذقت الفقر المدقع، لذا اعمل خيراً مع الناس ولا احب ان ارى احداً يتألم لاني اعرف مرارة الالم والعوز والقهر.

*لاتخجل من ماضيك؟

– بل افتخر واجاهر به، لانه هو من صنع شخصيتي، يوجد كثر ” لما يقبوا على وش الدني بيستحوا من ماضيهم ولا يتعرفون على الاشخاص الذين عاصروهم لانهم يذكرونهم بماضيهم”، انا بالعكس لا اخجل واعتز بكل تفاصيل حياتي واصدقائي من الطفولة الى اليوم، ” انا عايش فوق الارض والشمس طالعة والناس قاشعة”.

*بماذا عملت عندما صرت شاباً؟

– اشتغلت بالادوات الصحية في الورش، وتوظفت بالبلدية كسائق، وتعرفت على رشيد بك الصلح الذي طلب من البلدية ان اصبح مرافقه وهكذا كان، وعندما استقال حلّ مكانه رشيد بك كرامي، ويومها ارسل بطلبي الدكتور عمر بسكنتي وسألني ” بدك البلدية او بتبقى مع #رشيد كرامي“، فأخترت البقاء مع رشيد بك، وصارت الحرب..

*وحملت #السلاح؟

– احب السلاح واعشقه، وعلى فكرة ” مش كل مين حمل سلاح صار قبضاي، اليوم في زعران بتحمل سلاح وبتخاف تقوص”، انا كنت اتمرن على حمل السلاح من قبل ان اقتني اية قطعة، وبعدها اشتريت مسدساً بمبلغ 240 ليرة، وعندما اردت بيعه تعرفت على تاجرة اسلحة بمنطقة المصطيبة اسمها ام ابراهيم، قصدتها وعرضت عليها بيع المسدس “ومن سيرة لسيرة” تبيّن ان صلة قرابة تجمعنا من بعيد، وان عمي كان يشتري منها الاسلحة وايضاً جدي، يعني حبنا للاسلحة بالجينات،( يضحك ويتابع) وصرت اتعامل معها ” اشتري قطعة وارجع بيعها لاكسب”، ثم وسعت التجارة واخذت وكالة اسلحة من افريقيا عبارة عن رشاشات ” بتقوص بالوحل”، وكنت اقتني لنفسي اشيك قطع سلاح منها الرشاش الستانلس الابيض الذي كان نادراً حينذاك.

*تعاملت بالاسلحة مع كل الاطراف؟

– طبعاً ” هيدا شغل ما الو علاقة لا بالمذهبية ولا الطائفية” ولطالما اجتمع الخصوم عندي واشتروا احتيجاتهم، ولطالما كانت #الميليشيات تتعاون معي لاوفر لها الكمية التي تريدها.

*انواع الاسلحة التي كنت تبيعها؟

– كل شيء مسدسات متنوعة، بوباكشن، كلاشينات، رشاشات دوشكا وغيرها.

*تعرضت لمحاولات #قتل؟

– يااااه كتير، ” كان الرصاص ينزل عليّ متل الشتي” وكنت افر بجلدي،” الي الو عمر ما بتقتلو شدة “.

*وكيف دخلت غمار #الانتاج السينمائي؟

– تغيرت اوضاعي المادية وصرت معروفاً، وحصل ان قصدني #يوسف وفؤاد شرف الدين وطلبا مني ان انتج لهما فيلماً، على ان يتولى يوسف الاخراج ويقوم بالبطولة فؤاد، وافقت وبدأنا بفيلم ” الممر الاخير” الذي حقق نجاحاً منقطع النظير بعز الحرب اللبنانية، واشتغلت السينما وكل الفنانين، تلاه فيلم ” نساء في خطر”، و”المغامرون” و” الصفقة”، وكنت اسعد حين يجتمع كل النجوم من كافة المذاهب والطوائف على طاولة واحدة للطعام اثناء الاستراحة من التصوير، واذكر اننا مرة كنا نصور في اليونان نصور بعض مشاهد فيلم ” نساء في خطر” وكان معنا انطوان كرباج، ليز سركسيان، وجوزيف نانو، وابراهيم مرعشلي، ميشال تابت، مادونا، فؤاد شرف الدين وغيرهم والكل كان يأكل ويضحك ويمزح، تأملت ملياً الكل من مذاهب متنوعة منهم الشيعي والسني والسرياني والماروني والروم والارمن وحتى المخرج سمير الغصيني كان درزياً، كانوا يتحدثون بكل شيء الا بالطائفية، فقلت لهم :” معقول نحنا هون عم ناكل ونتصور وبلبنان عم يقبروا بعض؟ نحنا شعب منحب بعض ومنحب الحياة لشو هالحرب الاخت الـ….”، فصفق لي الجميع واحتضننوني، صدقيني الطائفية والتعصب هما ما ولدا الكراهية والعنف عند الشعب اللبناني.

*محمد المولى قدمته ” بالمغامرون” وبعد ان تعرض لمحاولة قتل كنت اول من وقف الى جانبه واستقبلته بمطار بيروت؟

-“محمد قبضاي وبطل” حقق الكثير من النجاحات بالبطولات الرياضية، وبعد محاولة اغتياله في الخارج وعقب عودته، ذهبت الى تلفزيون لبنان وقصدت ياسرعرفات، قلت له:” اريد اليوم كاميرا في المطار #محمد المولى عاد من الخارج”، فقال لي ان الكاميرا محجوزة خارج التلفزيون للتصوير الخارجي، واقترح عليّ ان نزوره في اليوم الثاني في بيته ونصوره ويحكي لنا عن تفاصيل الواقعة وهكذا كان.

*افلامك تميزت بالاكشن؟

-صحيح، ادخلنا الاكشن للسينما اللبنانية و”كسرنا الارض”، ربما لاني احب السلاح كنت اميل لهذه النوعية من الاعمال، بالاضافة الى اننا كنا بفترة حرب ومن الطبيعي ان نجاري الموجة.

*فتحت بوابة السينما بالحرب؟

– صحيح، وقُدمت عقبها عدة افلام لكنها لم تكن بمستوى اعمالي من حيث السخي بالانتاج.

*وما رايك بسينما اليوم؟

– لا اتابعها، ما بحب التهريج “والضحك على عقل المُشاهد”، واكره الشللية التي تُخيم على الاجواء الفنية، يعني في اعمالي كل فنان مُناسب للشخصية كنا نعطيه الدور بصرف النظر عن طائفته اوميوله السياسية، يعني كنا نفصل بين الانتماء السياسي والمحسوبيات في العمل الفني حتى يخرج بأبهى صورة.

*لماذا تضع صورتي امل عفيش وهند طاهر بالقهوة؟

– الصورتان ضمن مجموعة نجوم من فرقة شوشو وانا احب شوشو رحمه الله.

*القهوة كلها صور لشخصيات متنوعة؟

– صحيح، سلطان باشا الاطرش بطل، وعبد الناصر زعيم الامة، والسادات انتصر على اسرائيل بحرب اكتوبر/ تشرين، وصائب بك سلام وكميل شمعون ورشيد الصلح وبشارة الخوري والامير مجيد ارسلان وكميل شمعون من رجال الاستقلال، كمال جنبلاط الفيلسوف والمفكر، وشارل ديغول، وايضاً يوجد صوراً لاهل الفكر الاعلام والشعر والفن ولرجال وشباب المنطقة، يعني تعمدت ان احافظ على الطراز القديم للمقهى، وزيّنت جدرانها بصور قديمة لأجدادنا، والفكرة أعجبت سكان المنطقة، فصار كل منهم يحضر صورة أبيه أوجده لذا تجدين جدران المقهى أشبه بمعرض توثيقي لتاريخ بيروت، إذ تزينها أكثر من 300 صورة لشخصيات بيروتية مشهورة ومغمورة.

*اكثر زعيم تحبه انسانياً؟

– احب رجال لبنان الاول ” كانوا زعامات عن حق وحقيق”.

*لكنك مشهور بولائك الشديد للشهيد الشيخ #رفيق الحريري؟

– طبعاً، بيننا صداقة وطيدة، وقواسم مشتركة، قلبة ابيض يحب كل الناس، دمعته سخية، وقبضاي، ومرة لم نختلف.

*هو من اوعز لك بأخذ قهوة #” المستقبل”؟

– صحيح كنا هنا بجامع عائشة بكار نقدم واجب العزاء لاحد ابناء المنطقة عام 1998، وعندما خرجنا غمزني وقال لي ” شو قصة هالمحلات؟” قلت له :” هيدي قهوة السق قديمة معروضة للايجار وانا احبها من صغري، وهي بالاصل لعبد الحفيظ العانوتي البيروتي العريق”، فقال لي:” شوف شو طالبين واتكل على الله”، وبالفعل اتصلت بهم في اليوم الثاني واتفقنا ووقعنا عقد الايجار، واقمت فيها ورشة تصليح وصارت قهوة ” المستقبل”، ويوم الافتتاح تجمع كل اهالي المنطقة من كبيرهم لصغيرهم عندي.

*ماذا عن زيارات #الشيخ سعد للقهوة ؟

– زارنا مرة قبل سنوات وحضر كأس العالم عندي، ومؤخراً قبل الانتخابات زارني وجلسنا وتحدثنا ببعض الامور، اعتقد ان ظروفه صعبة ووقته ضيقاً ولم يعد بامكانه زيارتنا كما كان يفعل المرحوم والده..(ويضيف)استشهاد الشيخ رفيق كسر ظهري، كنت اشعر بأنقباض بقلبي واكذب احساسي واقول الله الحامي، لكن حصل الاغتيال الذي صعقنا جميعاً، واليوم اعيش على امل انها ستُفرج قريباً وتبقى قهوة ” المستقبل” تجمع كل ابناء عائشة بكار ويبقى اسم محمد سعيدون “ابو وسام” مُخلداً بالقهوة التي تعرضت للتكسير اكثر من مرة بسبب المذهبية والتعصب الاعمى.

شاهد أيضاً

الدراما العربية لرمضان 2024: “داع/رة دامية تزور القيم لمجتمع يدعي التدين والعفة!”

بقلم / جهاد أيوب الدراما العربية للموسم الرمضاني فقط وفي هذا العام 2024 بغالبيتها خاوية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *